دون تأويل ، أنّ ذلك يقوم مقام البعض ، وأنّ قوله ـ في حديث أبي هريرة ـ ثم يتوفّى فيصلي عليه المسلمون مدرج من أبي هريرة لأنّه لم يروه غيره ممن رووا حديث نزول عيسى ، وهم جمع من الصحابة ، والروايات مختلفة وغير صريحة. ولم يتعرض القرآن في عدّ مزاياه إلى أنه ينزل في آخر الزمان.
والتطهير في قوله : (وَمُطَهِّرُكَ) مجازي بمعنى العصمة والتنزيه ؛ لأنّ طهارة عيسى هي هي ، ولكن لو سلط عليه أعداؤه لكان ذلك إهانة له.
وحذف متعلق «كفروا» لظهوره أي الذين كفروا بك وهم اليهود ، لأنّ اليهود ما كفروا بالله بل كفروا برسالة عيسى ، ولأنّ عيسى لم يبعث لغيرهم فتطهيره لا يظنّ أنّه تطهير من المشركين بقرينة السياق.
والفوقية في قوله : (فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بمعنى الظهور والانتصار ، وهي فوقية دنيوية بدليل قوله : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ).
والمراد بالذين اتبعوه : الحواريون ومن اتبعه بعد ذلك ، إلى أن نسخت شريعته بمجيء محمد صلىاللهعليهوسلم.
وجملة (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) عطف على جملة (وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) إذ مضمون كلتا الجملتين من شأن جزاء الله متّبعي عيسى والكافرين به. وثم للتراخي الرتبي ؛ لأنّ الجزاء الحاصل عند مرجع الناس إلى الله يوم القيامة ، مع ما يقارنه من الحكم بين الفريقين فيما اختلفوا فيه ، أعظم درجة وأهم من جعل متبعي عيسى فوق الذين كفروا في الدنيا.
والظاهر أنّ هذه الجملة مما خاطب الله به عيسى ، وأنّ ضمير مرجعكم ، وما معه من ضمائر المخاطبين ، عائد إلى عيسى والذين اتبعوه والذين كفروا به.
ويجوز أن يكون خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين ، فتكون ثم للانتقال من غرض إلى غرض ، زيادة على التراخي الرتبي والتراخي الزمني.
والمرجع مصدر ميمي معناه الرجوع. وحقيقة الرجوع غير مستقيمة هنا فتعيّن أنّه رجوع مجازي ، فيجوز أن يكون المراد به البعث للحساب بعد الموت ، وإطلاقه على هذا المعنى كثير في القرآن بلفظه وبمرادفه نحو المصير ، ويجوز أن يكون مرادا به انتهاء إمهال الله إياهم في أجل أراده فينفذ فيهم مراده في الدنيا.