وفي أحكام ابن الفرس أن عبد الله بن عمر قال : «من كان خائفا من الاحتيال عليه فليس بآمن ولا تجوز إذايته بالامتناع من مكالمته».
وقال فريق : هو حكم محكم غير منسوخ ، فقال فريق منهم : قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ) يفهم منه أنّه أتى ما يوجب العقوبة خارج الحرم فإذا جنى في الحرم أقيد منه ، وهذا قول الجمهور منهم ، ولعلّ مستندهم قوله تعالى : (وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) [البقرة : ١٩٤] أو استندوا إلى أدلّة من القياس ، وقال شذوذ : لا يقام الحدّ في الحرم ، ولو كان الجاني جنى في الحرم وهؤلاء طردوا دليلهم.
وقد ألممنا بذلك عند قوله تعالى : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) [البقرة : ١٩١].
وقد جعل الزجّاج جملة (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) آية ثانية من الآيات البيّنات فهى بيان ل (آيات) ، وتبعه الزمخشري ، وقال : يجوز أن يطلق لفظ الجمع على المثنّى كقوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤]. وإنّما جاز بيان المفرد بجملة لأنّ هذه الجملة في معنى المفرد إذ التّقدير : مقام إبراهيم وأمن من دخله. ولم ينظر ذلك بما استعمل من كلام العرب حتّى يقرّب هذا الوجه. وعندي في نظيره قول الحرث بن حلزة :
من لنا عنده من الخير آيا |
|
ت ثلاث في كلهنّ القضاء |
آية شارق الشقيقة إذ جا |
|
ءت معدّ لكلّ حيّ لواء |
ثم قال :
ثمّ حجرا أعني ابن أم قطام |
|
وله فارسية خضراء |
ثم قال :
وفككنا غلّ امرئ القيس عنه |
|
بعد ما طال حبسه والعناء |
فجعل (وفككنا) هي الآية الرابعة باتّفاق الشرّاح إذ التقدير : وفكنّا غل امرئ القيس.
وجوّز الزمخشري أن يكون آيات باقيا على معنى الجمع وقد بيّن بآيتين وتركت الثّالثة كقول جرير :
كانت حنيفة أثلاثا فثلثهم |
|
من العبيد وثلث من مواليها |