يوسف السلمي الكناني ، قال : قلت لشيخنا ابن عصفور : لم أكثرت في شرحك للإيضاح من الشواهد على كائن؟ فقال : لأنّي دخلت على السلطان الأمير المستنصر (يعني محمد المستنصر ابن أبي زكرياء الحفصي والظاهر أنّه حينئذ وليّ العهد) فوجدت ابن هشام (يعني محمد بن يحيى بن هشام الخضراوي نزيل تونس ودفينها المتوفّى سنة ٦٤٦) فأخبرني أنّه سأله عمّا يحفظ من الشواهد على قراءة كايّن فلم يستحضر غير بيت الإيضاح :
وكائن بالأباطح من صديق |
|
يراني لو أصبت هو المصابا |
قال ابن عصفور : فلمّا سألني أنا قلت : أحفظ فيها خمسين بيتا فلمّا أنشدته نحو عشرة قال : حسبك ، وأعطاني خمسين دينارا ، فخرجت فوجدت ابن هشام جالسا بالباب فأعطيته نصفها.
وقرأ الجمهور (وَكَأَيِّنْ) بهمزة مفتوحة بعد الكاف وياء تحتية مشدّدة بعد الهمزة ، على وزن كلمة (كَصَيِّبٍ) وقرأه ابن كثير (كَأَيِّنْ) بألف بعد الكاف وهمزة مكسورة بعد الألف بوزن كاهن.
والتكثير المستفاد من (كَأَيِّنْ) واقع على تمييزها وهو لفظ (نبيء) فيحتمل أن يكون تكثيرا بمعنى مطلق العدد ، فلا يتجاوز جمع القلّة ، ويحتمل أن يكون تكثيرا في معنى جمع الكثرة ، فمنهم من علمناه ومنهم من لم نعلمه ، كما قال تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) ، ويحضرني أسماء ستة ممّن قتل من الأنبياء : أرمياء قتلته بنو إسرائيل ، وحزقيال قتلوه أيضا لأنّه وبّخهم على سوء أعمالهم ، وأشعياء قتله منسا بن حزقيال ملك إسرائيل لأنّه وبّخه ووعظه على سوء فعله فنشره بمنشار ، وزكرياء ، ويحيى ، قتلتهما بنو إسرائيل لإيمانهما بالمسيح ، وقتل أهل الرسّ من العرب نبيئهم حنظلة بن صفوان في مدّة عدنان ، والحواريّون اعتقدوا أنّ المسيح قتل ولم يهنوا في إقامة دينه بعده ، وليس مرادا هنا وإنّما العبرة بثبات أتباعه على دينه مع مفارقته لهم إذ العبرة في خلوّ الرسول وبقاء أتباعه ، سواء كان بقتل أو غيره. وليس في هؤلاء رسول إلّا حنظلة بن صفوان ، وليس فيهم أيضا من قتل في جهاد ، قال سعيد بن جبير : ما سمعنا بنبي قتل في القتال.
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب ، وأبو بكر عن عاصم : (قتل) بصيغة المبنى للمجهول ، وقرأه ابن عامر ، وحمزة ، وعاصم ، والكسائي ، وخلف ، وأبو جعفر : (قاتل) بصيغة المفاعلة فعلى قراءة (قتل) ـ بالبناء للمجهول ـ فمرفوع الفعل هو ضمير نبيء ، وعلى كلتا القراءتين يجوز أن يكون مرفوع الفعلين ضمير نبيء فيكون قوله : (مَعَهُ رِبِّيُّونَ)