والأنصار مثل : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) [عبس : ٣١] ومثل (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) [النحل : ٤٧](١) (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التوبة : ١١٤](وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) [الحاقة : ٣٦](٢).
سابعتها : مصطلحات شرعية لم يكن للعرب علم بخصوصها ، فما اشتهر منها بين المسلمين معناه ، صار حقيقة عرفية : كالتيمّم ، والزكاة ، وما لم يشتهر بقي فيه إجمال : كالربا قال عمر : «نزلت آيات الربا في آخر ما أنزل فتوفّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يبيّنها» وقد تقدم في سورة البقرة.
ثامنتها : أساليب عربية خفيت على أقوام فظنّوا الكلام بها متشابها ، وهذا مثل زيادة الكاف في قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ومثل المشاكلة في قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) [النساء : ١٤٢] فيعلم السامع أنّ إسناد خادع إلى ضمير الجلالة إسناد بمعنى مجازي اقتضته المشاكلة.
وتاسعتها : آيات جاءت على عادات العرب ، ففهمها المخاطبون ، وجاء من بعدهم فلم يفهموها ، فظنّوها من المتشابه ، مثل قوله : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) [البقرة : ١٥٨] ، في «الموطأ» قال ابن الزبير : «قلت لعائشة ـ وكنت يومئذ حدثا لم أتفقّه ـ لا أرى بأسا على أحد ألّا يطوف بالصفا والمروة» فقالت له : «ليس كما قلت إنّما كان الأنصار يهلون لمناة الطاغية» إلخ. ومنه : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ) [البقرة : ١٨٧](لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا) [المائدة : ٩٣] الآية فإنّ المراد فيما شربوا من الخمر قبل تحريمها.
عاشرتها : أفهام ضعيفة عدت كثيرا من المتشابه وما هو منه ، وذلك أفهام الباطنية ، وأفهام المشبّهة ، كقوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) [القلم : ٤٢].
وليس من المتشابه ما صرّح فيه بأنّا لا نصل إلى علمه كقوله : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ
__________________
(١) روي أن عمر قرأ على المنبر أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فقال : ما تقولون في التخوف فقام شيخ من هذيل فقال : هذه لغتنا ، التخوف التنقص فقال عمر : هل تعرف العرب ذلك في أشعارها قال : نعم قول أبي بكر يصف ناقته ـ تخوف الرجل منها تامكا قردا ـ كما تخوف عود النبعة السفن.
(٢) عن ابن عباس : لا أدري ما الأواه وما الغسلين.