المسمّى بالتصديق عند المناطقة ، وقيل : أرادوا لو نحسن القتال لاتّبعناكم ، فالعلم بمعنى المعرفة ، وقولهم حينئذ تهكّم وتعذّر.
ومعنى (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) أنّ ما يشاهد من حالهم يومئذ أقرب دلالة على أنهم يبطنون الكفر من دلالة أقوالهم : إنّا مسلمون ، واعتذارهم بقولهم : لو نعلم قتالا لاتّبعناكم. أي إنّ عذرهم ظاهر الكذب ، وإرادة تفشيل المسلمين ، والقرب مجاز في ظهور الكفر عليهم.
ويتعلّق كلّ من المجرورين في قوله : (مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) بقوله : (أَقْرَبُ) لأنّ (أَقْرَبُ) تفضيل يقتضي فاضلا ومفضولا ، فلا يقع لبس في تعلّق مجرورين به لأنّ السامع يردّ كل مجرور إلى بعض معنى التفضيل.
وقوله : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) استئناف لبيان مغزى هذا الاقتراب ، لأنّهم يبدون من حالهم أنّهم مؤمنون ، فكيف جعلوا إلى الكفر أقرب ، فقيل : إنّ الذي يبدونه ليس موافقا لما في قلوبهم ، وفي هذا الاستئناف ما يمنع أن يكون المراد من الكفر في قوله : (هُمْ لِلْكُفْرِ) أهل الكفر.
وقوله : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ) بدل من (الَّذِينَ نافَقُوا) ، أو صفة له ، إذا كان مضمون صلته أشهر عند السامعين ، إذ لعلّهم عرفوا من قبل بقولهم فيما تقدّم (لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا) فذكر هنا وصفا لهم ليتميّزوا كمال تمييز. واللام في (لإخوانهم) للتعليل وليست للتعدية ، قالوا : كما هي في قوله : (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) [آل عمران : ١٥٦].
والمراد بالإخوان هنا عين المراد هناك ، وهم الخزرج الذين قتلوا يوم أحد ، وهم من جلّة المؤمنين.
وجملة (وَقَعَدُوا) حال معترضة ، ومعنى لو أطاعونا أي امتثلوا إشارتنا في عدم الخروج إلى أحد ، وفعلوا كما فعلنا ، وقرأ الجمهور : ما قتلوا ـ بتخفيف التاء ـ من القتل.
وقرأه هشام عن ابن عامر ـ بتشديد التاء ـ من التقتيل للمبالغة في القتل ، وهو يفيد معنى تفظيعهم ما أصاب إخوانهم من القتل طعنا في طاعتهم النبي صلىاللهعليهوسلم.
وقوله : (قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ادرءوه عند حلوله ، فإنّ من لم يمت بالسيف مات بغيره أي : إن كنتم صادقين في أنّ سبب موت إخوانكم هو