أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال لها : صلي أمّك. وقيل : نزلت في فريق من الأنصار كانوا متولّين لكعب بن الأشرف ، وأبي رافع ابن أبي الحقيق ، وهما يهوديان بيثرب. وقيل : نزلت في المنافقين وهم ممّن يتولى اليهود ؛ إذ هم كفّار جهتهم ، وقيل : نزلت في عبادة بن الصامت وكان له حلف مع اليهود ، فلما كان يوم الأحزاب ، قال عبادة للنبي صلىاللهعليهوسلم : إنّ معي خمسمائة رجل من اليهود ، وقد رأيت أن يخرجوا معي فأستظهر بهم على العدو. وقيل : نزلت في عمار بن ياسر لما أخذه المشركون فعذّبوه عذابا شديدا ، فقال ما أرادوه منه ، فكفّوا عنه ، فشكا ذلك إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال له : «كيف تجد قلبك» قال : «مطمئنا بالإيمان» فقال : فإن عادوا فعد.
وقوله : (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (من) لتأكيد الظرفية.
والمعنى : مباعدين المؤمنين أي في الولاية ، وهو تقييد للنهي بحسب الظاهر ، فيكون المنهي عنه اتخاذ الكافرين أولياء دون المؤمنين ، أي ولاية المؤمن الكفّار التي تنافي ولايته المؤمنين ، وذلك عند ما يكون في تولّي الكافرين إضرار بالمؤمنين ، وأصل القيود أن تكون للاحتراز ، ويدل لذلك قوله بعده : «ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء» لأنّه نفي لوصلة من يفعل ذلك بجانب الله تعالى في جميع الأحوال ، والعرب تقول : «أنت منّي وأنا منك» في معنى شدة الاتّصال حتى كأنّ أحدهما جزء من الآخر ، أو مبتدأ منه ، ويقولون في الانفصال والقطيعة : لست منّي ولست منك ؛ قال النابغة :
فإنّي لست منك ولست منّي
فقوله : (فِي شَيْءٍ) تصريح بعموم النفي في جميع الأحوال لرفع احتمال تأويل نفي الاتّصال بأغلب الأحوال فالمعنى أنّ فاعل ذلك مقطوع عن الانتماء إلى الله ، وهذا ينادي على أنّ المنهي عنه هنا ضرب من ضروب الكفر ، وهو الحال التي كان عليها المنافقون ، وكانوا يظنّون ترويجها على المؤمنين ، ففضحهم الله تعالى ، ولذلك قيل : إنّ هذه الآية نزلت في المنافقين ، وممّا يدل على ذلك أنّها نظير الآية الأخرى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [النساء : ١٤٤ ، ١٤٥].
وقيل : لا مفهوم لقوله : (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) لأنّ آيات كثيرة دلت على النهي عن ولاية الكافرين مطلقا : كقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [المائدة : ٥١] ـ وقوله ـ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا