هي التوراة.
والسيد فيعل من ساد يسود إذا فاق قومه في محامد الخصال حتى قدموه على أنفسهم ، واعترفوا له بالفضل. فالسؤدد عند العرب في الجاهلية يعتمد كفاية مهمّات القبيلة والبذل لها وإتعاب النفس لراحة الناس قال الهذلي :
وإنّ سيادة الأقوام فاعلم |
|
لها صعداء مطلبها طويل |
أترجو أن تسود ولن تعنّى |
|
وكيف يسود ذو الدعة البخيل |
وكان السؤدد عندهم يعتمد خلال مرجعها إلى إرضاء الناس على أشرف الوجوه ، وملاكه بذل الندى ، وكفّ الأذى ، واحتمال العظائم ، وأصالة الرأي ، وفصاحة اللسان.
والسيّد في اصطلاح الشرع من يقوم بإصلاح حال الناس في دنياهم وأخراهم معا وفي الحديث «أنا سيّد ولد آدم ولا فخر» وفيه «إنّ ابني هذا سيّد» ـ يعني الحسن بن علي ـ فقد كان الحسن جامعا خصال السؤدد الشرعي ، وحسبك من ذلك أنّه تنازل عن حق الخلافة لجمع كلمة الأمة ، ولإصلاح ذات البين ، وفي تفسير ابن عطية عن عبد الله بن عمر : أنه قال : «ما رأيت أحدا أسود من معاوية ابن أبي سفيان ـ فقيل له وأبو بكر وعمر ـ قال : هما خير من معاوية ومعاوية أسود منهما» قال ابن عطية : «أشار إلى أنّ أبا بكر وعمر كانا من الاستصلاح وإقامة الحقوق بمنزلة هما فيها خير من معاوية ، ولكن مع تتبع الجادّة ، وقلّة المبالاة برضا الناس ينخرم فيه كثير من خصال السؤدد ومعاوية قد برّز في خصال السؤدد التي هي الاعتمال في إرضاء الناس على أشرف الوجوه ولم يواقع محذورا».
ووصف الله يحيى بالسيّد لتحصيله الرئاسة الدينية فيه من صباه ، فنشأ محترما من جميع قومه قال تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا* وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً) [مريم : ١٢ ، ١٣] ، وقد قيل السيّد هنا الحليم التقيّ معا : قاله قتادة ، والضحاك ، وابن عباس ، وعكرمة. وقيل الحليم فقط : قاله ابن جبير. وقيل السيّد هنا الشريف : قاله جابر بن زيد ، وقيل السيّد هنا العالم : قاله ابن المسيّب ، وقتادة أيضا.
وعطف سيّدا على مصدّقا ، وعطف حصورا وما بعده عليه ، يؤذن بأنّ المراد به غير العليم ، ولا التقي ، وغير ذلك محتمل. والحصور فعول بمعنى مفعول مثل رسول أي حصور عن قربان النساء.