يقال : عقد اللسان كفرح ، فهو أعقد إذا كان لا يبين الكلام. واستعار لإزالتها فعل الحل المناسب العقدة على طريقة الاستعارة المكنية.
وزيادة (لِي) بعد (اشْرَحْ) وبعد (يَسِّرْ) إطناب كما أشار إليه صاحب «المفتاح» لأنّ الكلام مفيد بدونه. ولكن سلك الإطناب لما تفيده اللام من معنى العلّة ، أي اشرح صدري لأجلي ويسر أمري لأجلي ، وهي اللام الملقبة لام التبيين التي تفيد تقوية البيان ، فإن قوله (صَدْرِي) و (أَمْرِي) واضح أن الشرح والتيسير متعلقان به فكان قوله (لِي) فيهما زيادة بيان كقوله : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح : ١] وهو هنا ضرب من الإلحاح في الدعاء لنفسه.
وأمّا تقديم هذا المجرور على متعلقه فليحصل الإجمال ثم التفصيل فيفيد مفاد التأكيد من أجل تكرر الإسناد.
ولم يأت بذلك مع قوله (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) لأنّ ذلك سؤال يرجع إلى تبليغ رسالة الله إلى فرعون فليست فائدتها راجعة إليه حتى يأتي لها بلام التبيين.
وتنكير (عُقْدَةً) للتعظيم ، أي عقدة شديدة.
و (مِنْ لِسانِي) صفة لعقدة. وعدل عن أن يقول : عقدة لساني ، بالإضافة ليتأتى التنكير المشعر بأنها عقدة شديدة.
وفعل (يَفْقَهُوا) مجزوم في جواب الأمر على الطريقة المتّبعة في القرآن من جعل الشيء المطلوب بمنزلة الحاصل عقب الشرط كقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) [النور : ٣٠] أي إن نقل لهم غضّوا يغضوا ، أي شأنهم الامتثال. والفقه : الفهم.
والوزير : فعيل بمعنى فاعل ، من وزار على غير قياس ، مثل حكيم من أحكم ، وهو مشتق من الأزر ، وهو المعونة ، والمؤازرة كذلك ، والكل مشتق من الأزر ، أي الظهر ، كما سيأتي قريبا ، فحقه أن يكون أزيرا بالهمزة إلا أنّهم قلبوا همزته واوا حملا على موازر الذي هو بمعناه الذي قلبت همزته واوا لانضمام ما قبلها. فلما كثر في الكلام قولهم : موازر ويوازر بالواو نطقوا بنظيره في المعنى بالواو بدون موجب للقلب إلّا الحمل على النظير في النطق ، أي اعتياد النطق بهمزته واوا ، أي اجعل معينا من أهلي.
وخصّ هارون لفرط ثقته به ولأنه كان فصيح اللسان مقوالا ، فكونه من أهله مظنة