عن أبيه ، وعن عروة بن الزبير عن عائشة ، وليس في ذلك سند صحيح. حسبوا أنّ المسلمين أخذوا قراءة القرآن من المصاحف وهذا تغفّل ، فإن المصحف ما كتب إلّا بعد أن قرأ المسلمون القرآن نيّفا وعشرين سنة في أقطار الإسلام ، وما كتبت المصاحف إلّا من حفظ الحفّاظ ، وما أخذ المسلمون القرآن إلّا من أفواه حفّاظه قبل أن تكتب المصاحف ، وبعد ذلك إلى اليوم فلو كان في بعضها خطأ في الخطّ لما تبعه القراء ، ولكان بمنزلة ما ترك من الألفات في كلمات كثيرة وبمنزلة كتابة ألف الصلاة ، والزكاة ، والحياة ، والرّبا ـ بالواو ـ في موضع الألف وما قرءوها إلّا بألفاتها.
وتأكيد السحرة كون موسى وهارون ساحرين بحرف (إنّ) لتحقيق ذلك عند من يخامره الشكّ في صحّة دعوتهما.
وجعل ما أظهره موسى من المعجزة بين يدي فرعون سحرا لأنّهم يطلقون السحر عندهم على خوارق العادات ، كما قالت المرأة الّتي شاهدت نبع الماء من بين أصابع النبيصلىاللهعليهوسلم لقومها : جئتكم من عند أسحر النّاس ، وهو في كتاب المغازي من «صحيح البخاري».
والقائلون : قد يكون بعضهم ممن شاهد ما أتى به موسى في مجلس فرعون ، أو ممن بلغهم ذلك بالتسامع والاستفاضة.
والخطاب في قوله (أَنْ يُخْرِجاكُمْ) لملئهم. ووجه اتهامهما بذلك هو ما تقدم عند قوله تعالى : (قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى) [طه : ٥٧]. ونزيد هنا أن يكون هذا من النجوى بين السحرة ، أي يريدان الاستئثار بصناعة السحر في أرضكم فتخرجوا من الأرض بإهمال الناس لكم وإقبالهم على سحر موسى وهارون.
والطريقة : السّنّة والعادة ؛ شبهت بالطريق الذي يسير فيه السائر ، بجامع الملازمة.
والمثلى : مؤنّث الأمثل. وهو اسم تفضيل مشتقّ من المثالة ، وهي حسن الحالة يقال : فلان أمثل قومه ، أي أقربهم إلى الخير وأحسنهم حالا.
وأرادوا من هذا إثارة حمية بعضهم غيرة على عوائدهم ، فإن لكلّ أمّة غيرة على عوائدها وشرائعها وأخلاقها. ولذا فرّعوا على ذلك أمرهم بأن يجمعوا حيلهم وكل ما في وسعهم أن يغلبوا به موسى.
والباء في (بِطَرِيقَتِكُمُ) لتعدية فعل (يَذْهَبا). والمعنى : يذهبانها ، وهو أبلغ في تعلّق