وعبّر عن العصا ب (ما) الموصولة تذكيرا له بيوم التكليم إذ قال له : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) [طه : ١٧] ليحصل له الاطمئنان بأنها صائرة إلى الحالة التي صارت إليها يومئذ ، ولذلك لم يقل له : وألق عصاك.
والتلقّف : الابتلاع. وقرأه الجمهور بجزم (تَلْقَفْ) في جواب قوله (وَأَلْقِ). وقرأه ابن ذكوان برفع (تَلْقَفْ) على الاستئناف.
وقرأ الجمهور (تَلْقَفْ) ـ بفتح اللام وتشديد القاف ـ.
وقرأه حفص ـ بسكون اللّام وفتح القاف ـ من لقف كفرح.
وجملة (إِنَّما صَنَعُوا) كيد سحر مستأنفة ابتدائية ، وهي مركبّة من (إنّ) و (ما) الموصولة. وكيد سحر خبر (إنّ). والكلام إخبار بسيط لا قصر فيه. وكتب (إنما) في المصحف موصولة (إنّ) ب (ما) الموصولة كما توصل ب (ما) الكافّة في نحو (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) [البقرة : ١٧٣] ولم يكن المتقدمون يتوخّون الفروق في رسم الخط.
وقرأ الجمهور (كَيْدُ ساحِرٍ) بألف بعد السين. وقرأه حمزة ، والكسائي ، وخلف كيد سحر ـ بكسر السين ـ.
وجملة (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) من تمام الجملة التي قبلها ، فهي معطوفة عليها وحال من ضمير (إِنَّما صَنَعُوا) ، أي لا ينجح الساحر حيث كان ، لأن صنعته تنكشف بالتأمل وثبات النفس في عدم التأثّر بها. وتعريف (السَّاحِرُ) تعريف الجنس لقصد الجنس المعروف ، أي لا يفلح بها كلّ ساحر.
واختير فعل (أَتى) دون نحو : حيث كان ، أو حيث حلّ ، لمراعاة كون معظم أولئك السحرة مجلوبون من جهات مصر ، وللرعاية على فواصل الآيات الواقعة على حرف الألف المقصورة.
وتعميم (حَيْثُ أَتى) لعموم الأمكنة التي يحضرها ، أي بسحره.
وتعليق الحكم بوصف الساحر يقتضي أن نفي الفلاح عن الساحر في أمور السحر لا في تجارة أو غيرها. وهذا تأكيد للعموم المستفاد من وقوع النكرة في سياق النفي ، لأنّ عموم الأشياء يستلزم عموم الأمكنة التي تقع فيها.
[٧٠ ـ ٧١] (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ