خرج منه صوت قوي ، وقد اتخذ للإعلام بالاجتماع للحرب. وتقدم عند قوله تعالى : (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) في سورة الأنعام [٧٣].
وقرأ الجمهور (يُنْفَخُ) بياء الغيبة مبنيا للمجهول ، أي ينفخ نافخ ، وهو الملك الموكل بذلك. وقرأه أبو عمرو وحده ننفخ ـ بنون العظمة وضم الفاء ـ وإسناد النفخ إلى الله مجاز عقلي باعتبار أنّه الأمر به ، مثل : بنى الأمير القلعة.
والمجرمون : المشركون والكفرة.
والزرق : جمع أزرق ، وهو الذي لونه الزّرقة. والزرقة : لون كلون السماء إثر الغروب ، وهو في جلد الإنسان قبيح المنظر لأنه يشبه لون ما أصابه حرق نار. وظاهر الكلام أن الزرقة لون أجسادهم فيكون بمنزلة قوله (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) [آل عمران : ١٠٦]، وقيل : المراد لون عيونهم ، فقيل : لأنّ زرقة العين مكروهة عند العرب. والأظهر على هذا المعنى أن يراد شدّة زرقة العين لأنّه لون غير معتاد ، فيكون كقول بشّار :
وللبخيل على أمواله علل |
|
زرق العيون عليها أوجه سود |
وقيل : المراد بالزّرق العمي ، لأن العمى يلوّن العين بزرقة. وهو محتمل في بيت بشّار أيضا.
والتخافت : الكلام الخفي من خوف ونحوه. وتخافتهم لأجل ما يملأ صدورهم من هول ذلك اليوم كقوله تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) [طه : ١٠٨].
وجملة (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) مبيّنة لجملة (يَتَخافَتُونَ) ، وهم قد علموا أنهم كانوا أمواتا ورفاتا فأحياهم الله فاستيقنوا ضلالهم إذ كانوا ينكرون الحشر.
ولعلهم أرادوا الاعتذار لخطئهم في إنكار الإحياء بعد انقراض أجزاء البدن مبالغة في المكابرة ، فزعموا أنهم ما لبثوا في القبور إلّا عشر ليال فلم يصيروا رفاتا ، وذلك لما بقي في نفوسهم من استحالة الإحياء بعد تفرق الأوصال ، فزعموا أن إحياءهم ما كان إلا بردّ الأرواح إلى الأجساد. فالمراد باللبث : المكث في القبور ، كقوله تعالى : (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ* قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) في سورة المؤمنين [١١٢ ، ١١٣] ، وقوله (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ) في سورة الروم [٥٥].
و (إذ) ظرف ، أي يتخافتون في وقت يقول فيه أمثلهم طريقة. والأمثل : الأرجح