وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥))
(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ)
جملة (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) إلى آخرها معطوفة على جملة (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ) [ص : ١٨]. والإنشاء هنا في معنى الخبر ، فإن هذه الجملة قصت شأنا من شأن داود مع ربه تعالى فهي نظير ما قبلها.
والاستفهام مستعمل في التعجيب أو في البحث على العلم فإن كانت القصة معلومة للنبي صلىاللهعليهوسلم كان الاستفهام مستعملا في التعجيب وإن كان هذا أول عهده بعلمها كان الاستفهام للحث مثل (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) [الغاشية : ١]. والخطاب يجوز أن يكون لكل سامع والوجهان الأولان قائمان. والنبأ : الخبر.
والتعريف في (الْخَصْمِ) للعهد الذهني ، أي عهد فرد غير معيّن من جنسه أي نبأ خصم معيّن هذا خبره ، وهذا مثل التعريف في ادخل السوق. والخصام والاختصام : المجادلة والتداعي ، وتقدم في قوله : (هذانِ خَصْمانِ) في سورة الحج [١٩].
و (الْخَصْمِ) : اسم يطلق على الواحد وأكثر ، وأريد به هنا خصمان لقوله بعده (خَصْمانِ). وتسميتهما بالخصم مجاز بعلاقة الصورة وهي من علاقة المشابهة في الذات لا في صفة من صفات الذات ، وعادة علماء البيان أن يمثلوها بقول القائل إذا رأى صورة أسد: هذا أسد.
وضمير الجمع مراد به المثنى ، والمعنى : إذ تسورا المحراب ، والعرب يعدلون عن صيغة التثنية إلى صيغة الجمع إذا كانت هناك قرينة لأن في صيغة التثنية ثقلا لندرة استعمالها ، قال تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] أي قلباكما.
و (إِذْ تَسَوَّرُوا) إذا جعلت (إِذْ) ظرفا للزمن الماضي فهو متعلق بمحذوف دل عليه (الْخَصْمِ) ، والتقدير : تحاكم الخصم حين تسوروا المحراب لداود.
ولا يستقيم تعلقه بفعل (أَتاكَ) ولا ب (نَبَأُ) لأن النبأ الموقت بزمن تسوّر الخصم محراب داود لا يأتي النبي صلىاللهعليهوسلم.