على كلا الاحتمالين ، أي لما علم ذلك طلب الغفران من ربه لما صنع.
وخرّ خرورا : سقط ، وقد تقدم في قوله تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) في سورة [النحل : ٢٦].
والركوع : الانحناء بقصد التعظيم دون وصول إلى الأرض قال تعالى : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) [الفتح : ٢٩] ، فذكر شيئين. قالوا : لم يكن لبني إسرائيل سجود على الأرض وكان لهم الركوع ، وعليه فتقييد فعل (خَرَّ) بحال (راكِعاً) تمجّز في فعل (خَرَّ) بعلاقة المشابهة تنبيها على شدة الانحناء حتى قارب الخرور. ومن قال : كان لهم السجود جعل إطلاق الرجوع عليه مجازا بعلاقة الإطلاق. وقال ابن العربي : لا خلاف في أن الركوع هاهنا السجود ، قلت : الخلاف موجود.
والمعروف أنه ليس لبني إسرائيل سجود بالجبهة على الأرض ، ويحتمل أن يكون السجود عبادة الأنبياء كشأن كثير من شرائع الإسلام كانت خاصة بالأنبياء من قبل كما تقدم في قوله تعالى : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة : ١٣٢] ، وتقدم قوله تعالى : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) في سورة يوسف [١٠٠]. وكان ركوع داود عليهالسلام تضرعا لله تعالى ليقبل استغفاره.
والإنابة : التوبة : يقال : أناب ، ويقال : ناب. وتقدم عند قوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) في سورة هود [٧٥]. وعند قوله : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) في سورة الروم [٣١].
وهنا موضع سجدة من سجود القرآن من العزائم عند مالك لثبوت سجود النبيصلىاللهعليهوسلم عندها. ففي «صحيح البخاري» عن مجاهد «سألت ابن عباس عن السجدة في ص فقال : أو ما تقرأ (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) [الأنعام : ٨٤] إلى قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : ٩٠] فكان داود ممن أمر نبيئكم أن يقتدي به فسجدها داود فسجدها رسول الله». وفي «سنن أبي داود» عن ابن عباس «ليس ص من عزائم السجود ، وقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم سجد فيها». وفيه عن أبي سعيد الخدري قال : «قرأ رسول الله وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزّن الناس للسجود (أي تهيّئوا وتحركوا لأجله) فقال رسول الله : إنما هي توبة نبيء ولكني رأيتكم تشزّنتم للسجود فنزل فسجد وسجدوا» ، وقول أبي حنيفة فيها مثل قول مالك ولم ير الشافعي سجودا في هذه الآية إمّا لأجل قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنما هي توبة