مفصل وهو إنكار أن يبعث الناس بعد تفرق أجزائهم وتحوّلها ترابا بعد الموت ثم يجازوا.
وجملة (إِنَّا لَمَدِينُونَ) جواب (إِذا). وقرنت بحرف التوكيد للوجه الذي علمته في قوله : (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ).
والمدين : المجازى يقال : دانه يدينه ، إذا جازاه ، والأكثر استعماله في الجزاء على السوء ، والدين : الجزاء كما في سورة الفاتحة. وقيل هنا (أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) وفي أول السورة (إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) [الصافات : ١٦] لاختلاف القائلين.
وقرأ الجميع (أَإِنَّكَ) بهمزتين. وقرأ من عدا ابن عامر (أَإِذا مِتْنا) بهمزتين وابن عامر بهمزة واحدة وهي همزة (إِذا) اكتفاء بهمزة (أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) في قراءته. وقرأ نافع (إِنَّا لَمَدِينُونَ) بهمزة واحدة اكتفاء بالاستفهام الداخل على شرطها. وقرأه الباقون بهمزتين.
وجملة (قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) بدل اشتمال من جملة (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) لأن قوله : (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) المحكي بها هو مما اشتمل عليه قوله الأول إذ هو تكملة للقول الأول. والاستفهام بقوله (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) مستعمل في العرض ، عرض على رفقائه أن يتطلعوا إلى رؤية قرينه وما صار إليه ، وذلك : إمّا لأنه علم أن قرينه مات على الكفر بأن يكون قد سبقه بالموت ، وإمّا لأنه ألقي في روعه أن قرينه صار إلى النار ، وهو موقن بأن خازن النار يطلعهم على هذا القرين لعلمهم بأن لأهل الجنة ما يتساءلون قال تعالى : (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) [يس : ٥٧].
وحذف متعلق (مُطَّلِعُونَ) لدلالة آخر الكلام عليه بقوله : (فِي سَواءِ الْجَحِيمِ). فالتقدير : هل أنتم مطلعون على أهل النار لننظره فيهم.
وفي قوله : (فَاطَّلَعَ) اكتفاء ، أي فاطّلع واطّلعوا فرآه ورأوه في سواء الجحيم إذ هو إنما عرض عليهم الاطّلاع ليعلموا تحقيق ما حدّثهم عن قرينه. واقتصر على ذكر اطلاعه هو دون ذكر اطلاع رفقائه لأنه ابتدأ بالاطّلاع ليميز قرينه فيريه لرفقائه.
و (سَواءِ الْجَحِيمِ) وسطها قال بلعاء بن قيس :
عضبا أصاب سواء الرأس فانفلقا
وجملة (قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) مستأنفة استئنافا بيانيّا لأن وصف هذه الحالة