سادنا. وتوجد صورة بعل في دار الآثار بقصر اللّوفر في باريس منقوشة على وجه حجارة صوروه بصورة إنسان على رأسه خوذة بها قرنان وبيده مقرعة. ولعلها صورته عند بعض الأمم التي عبدته ولا توجد له صورة في آثار قرطاجنة الفينيقية بتونس.
وجيء في قوله : (وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) بذكر صفة الله دون اسمه العلم تعريضا بتسفيه عقول الذين عبدوا بعلا بأنهم تركوا عبادة الرب المتصف بأحسن الصفات وأكملها وعبدوا صنما ذاته وخش فكأنه قال : أتدعون صنما بشعا جمع عنصري الضعف وهما المخلوقية وقبح الصورة وتتركون من له صفة الخالقية والصفات الحسنى.
وقرأ الجمهور (إِلْياسَ) بهمزة قطع في أوله على اعتبار الألف واللام من جملة الاسم العلم فلم يحذفوا الهمزة إذا وصلوا (إِنَ) بها. وقرأه ابن عامر بهمزة وصل فحذفها في الوصل مع (إِنَ) على اعتبار الألف واللام حرفا للمح الأصل. وأن أصل الاسم ياس مراعاة لقوله : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ).
وللعرب في النطق بالأسماء الأعجمية تصرفات كثيرة لأنه ليس من لغتهم فهم يتصرفون في النطق به على ما يناسب أبنية كلامهم.
وجملة (اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) قرأ الأكثر برفع اسم الجلالة وما عطف عليه فهو مبتدأ والجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا والخبر مستعمل في التنبيه على الخطأ بأن عبدوا (بَعْلاً). وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ويعقوب وخلف بنصب اسم الجلالة على عطف البيان ل (أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) ، والمقصود من البيان زيادة التصريح لأن المقام مقام إيضاح لأصل الديانة ، وعلى كلتا القراءتين فالكلام مسوق لتذكيرهم بأن من أصول دينهم أنهم لا ربّ لهم إلا الله ، وهذا أول أصول الدين فإنه ربّ آبائهم فإن آباءهم لم يعبدوا غير الله من عهد إبراهيم عليهالسلام وهو الأب الأول من حيث تميزت أمتهم عن غيرهم ، أو هو يعقوب قال تعالى : وأوصى (بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة : ١٣٢] ، واحتراز ب (الْأَوَّلِينَ) عن آبائهم الذين كانوا في زمان ملوكهم بعد سليمان.
وجمع هذا الخبر تحريضا على إبطال عبادة «بعل» لأن في الطبع محبة الاقتداء بالسلف في الخير. وقد جمع إلياس من معه من أتباعه وجعل مكيدة لسدنة (بعل) فقتلهم عن آخرهم انتصارا للدّين وانتقاما لمن قتلتهم (إيزابل) زوجة (آخاب).