ثلاثة أنبياء وما لقوه من قومهم وذلك كله شواهد لتسلية الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم وقوارع من الموعظة لكفار قريش. وابتدئ ذكر هؤلاء الثلاثة بجملة (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) لأنهم سواء في مرتبة الدعوة إلى دين الله ، وفي أنهم لا شرائع لهم. وتأكيد إرسالهم بحرف التأكيد للاهتمام بالخبر لأنه قد يغفل عنه إذ لم تكن لهؤلاء الثلاثة شريعة خاصة. و (إِلْياسَ) هو (إيلياء) من أنبياء بني إسرائيل التابعين لشريعة التوراة ، وأطلق عليه وصف الرسول لأنه أمر من جانب الله تعالى بتبليغ ملوك إسرائيل أن الله غضب عليهم من أجل عبادة الأصنام ، فإطلاق وصف الرسول عليه مثل إطلاقه على الرسل إلى أهل أنطاكية المذكورين في سورة يس.
و (إِذْ) ظرف متعلق ب (الْمُرْسَلِينَ) ، أي أنه من حين ذلك القول كان مبلغا رسالة عن الله تعالى إلى قومه.
وقد تقدم ذكر إلياس في سورة الأنعام ، والمراد بقومه : بنو إسرائيل وكانوا قد عبدوا بعلا معبود الكنعانيين بسبب مصاهرة بعض ملوك يهوذا للكنعانيين ولذلك قام إلياس داعيا قومه إلى نبذ عبادة بعل الصنم وإفراد الله بالعبادة.
وقوله : (أَلا) كلمتان : همزة الاستفهام للإنكار ، و (لا) النافية ، إنكار لعدم تقواهم ، وحذف مفعول (تَتَّقُونَ) لدلالة ما بعده عليه.
و (بعل) اسم صنم الكنعانيين وهو أعظم أصنامهم لأن كلمة بعل في لغتهم تدل على معنى الذكورة. ثم دلت على معنى السيادة فلفظ البعل يطلق على الذكر ، وهو عندهم رمز على الشمس ويقابله كلمة (تانيت) بمثنّاتين ، أي الأنثى وكانت لهم صنمة تسمى عند الفينيقيين بقرطاجنة (تانيت) وهي عندهم رمز القمر وعند فينيقيي أرض فينيقية الوطن الأصلي للكنعانيين تسمى هذه الصّنمة (العشتاروث). وقد أطلق على بعل في زمن موسى عليهالسلام اسم «مولك» أيضا ، وقد مثلوه بصورة إنسان له رأس عجل وله قرنان وعليه إكليل وهو جالس على كرسي مادّا يديه كمن يتناول شيئا وكانت صورته من نحاس وداخلها مجوف وقد وضعوها على قاعدة من بناء كالتنور فكانوا يوقدون النار في ذلك التنور حتى يحمى النحاس ويأتون بالقرابين فيضعونها على ذراعيه فتحترق بالحرارة فيحسبون لجهلهم الصنم تقبلها وأكلها من يديه ، وكانوا يقربون له أطفالا من أطفال ملوكهم وعظماء ملتهم ، وقد عبده بنو إسرائيل غير مرة تبعا للكنعانيين ، والعمونيين ، والمؤابيين وكان لبعل من السدنة في بلاد السامرة ، أو مدينة صرفة أربعمائة وخمسون