وانظر سريان حكم الحقائق التي نبّهت على سرّها ، وهكذا الاسم الكلّي «الرّحمن» التالي لهذا الاسم الجامع ، والمشارك له في الجمع والحكم والإحاطة ، كما أخبرنا (١) سبحانه ، وكما نبّهت عليه في هذا الكتاب وفي مفتاح غيب الجمع ؛ فإنّ حروفه ستّة ، والسابع هو الألف الغيبي المعقول بين الميم والنون ، الذي هو مظهر أحديّة الجمع ، فتذكّر.
ولمّا كانت كلمة «بسم» من حيث الظاهر لم تجمع هذا السرّ السباعي الذي هو التثليث والتربيع ، تمّ ذلك بالإضمار (٢) الذي به صحّ «بسم» أن يكون كلمة ، فتقديره : (٣) بدأت أو أبدأ (٤) مع لفظة «بسم» تجمع التثليث والتربيع المنبّه عليهما.
وهكذا ينبغي لك أن تستحضر سرّ الغيب الذاتي من حيث الإطلاق الرافع للاعتبارات ، ومن حيث التقيّد باعتبار واحد ، ثم سريان ذلك في المقدّمتين الموجبتين انقسام الغيب بشطرين ، ثم نسبتي الرحمة والغضب ، اللتين نبّهت عليهما ، ونسبة الوحدة الصرفة باعتبار كونها وحدة فقط ، ونسبتها من حيث استناد الكثرة إليها ، وحكم الباء المستندة إلى هذه التثنية ، والسين المنبّه على الكثرة التالية ، وكاللوح مع القلم والكرسيّ ـ الذي هو محل التقسيم الظاهر في عالم الصور ـ بالنسبة إلى العرش الوحدانيّ الصفة ، والكلمة والأمر ، والإحاطة والعموم لسرّ الاسم «الرّحمن» المستوي عليه ، وسرّ الاسم «المدبّر» المختصّ بالقلم ، وكذلك سرّ الاسم «المفصّل» المختصّ باللوح (٥) ، وظهور تخصيصه وتميّزه بالاسم «الرّحيم» في الكرسي الكريم.
وانظر عموم حكم الحقّ وإحاطته وجمعيّته ، من حيث ذاته ومن حيث أسمائه الكلّيّة ، ثم اندراج الجميع جملة في الاسم «الله» ، وتفصيلا في الاسمين : «الرّحمن» و «الرّحيم» ثم اندراج الجميع في هاء الاسم «الله» الذي هو مظهر الغيب الذاتي.
وانظر حكم الحضرات الخمس مع النسبتين الأوليين (٦) المنبّه عليهما ، اللتين بهما ظهر السرّ السباعي وتمّ.
__________________
(١) ق : أخبر.
(٢) ب : بالإظهار.
(٣) ق : فتقدير.
(٤) ه : بدأ.
(٥) ق : اللوح.
(٦) ه : الأوّلين.