فصل
يتضمّن الكلام على ما تبقى من أسرار معاني لفظة
«الدّين» وبيان سرّ التكليف وحكمته ، وأصل منشئه
وما يتعلّق بذلك من الأمور الكلّيّة (١) واللوازم المهمّة
بلسان مقام المطلع وأحديّة الجمع
مقدّمه
ولنقدّم قبل الشروع في الكلام على ما ترجمنا عليه مقدّمة تنبّه على نكت مفيدة مهمّة يجب التنبيه عليها ، فنقول :
اعلم ، أنّ سرّ كلّ شيء هو ما خفي من شأنه ، أو بطن منه ، سواء كان الباطن أمرا وجوديّا يمكن أن يدرك ببعض الحواسّ أو كلّها ، كتجويف باطن قلب الإنسان مثلا وما فيه من البخار بالنسبة إلى ظاهر جلدة بدنه ، وكدهن اللوز ونحوه مثلا بالنسبة إلى صورة اللوز ، أو كان أمرا معنويّا كالقوى والخواصّ التي أودعها الحقّ سبحانه وتعالى في الأرواح وغيرها ، بالنسبة إلى المظاهر والصور الجزئيّة ، التي بها تظهر تلك الخواصّ ، ويكمّل الحقّ بها أفعال تلك القوى ، كالقوّة المسهلة التي في السقمونيا والقوّة الجاذبة للحديد في المغناطيس.
وقد يكون الأمر المضاف إليه السرّ معنى مجرّدا لا ظهور له في الأعيان ، بل يتعقّل في
__________________
(١) ق : الممكنة.