مما يجعلها في موقع المسؤولية والقدوة العملية.
وقد تلتقي هذه الفقرة بالآية التي نحن بصدد تفسيرها ، حيث عقّب الابتلاء بجعل الإمامة ، وقد يؤكد انسجام الإمامة مع طبيعة النبوّة إلحاق الوحي بها في قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) وبذلك تكون الإمامة صفة لحركة النبوّة في الحياة من خلال طبيعة الشخصية التي يملكها النبي ، مما يجعله قدوة في نفسه وموضعا للتوجيه الإلهي للناس بالاقتداء به في قوله وفعله ، أمّا الإمامة بالمعنى الآخر ، فلا نجد في الآية أساسا لاستفادته بتفاصيله المذكورة في علم الكلام ، ولكننا نستطيع استيحاءه من طبيعة المهمّة الموكلة إلى النبي كما ألمحنا إلى ذلك في الفقرة الثانية من الحديث.
وقد نستطيع التأييد لالتقاء كلمة الإمامة المجعولة لإبراهيم بالنبوّة في معناها الواسع ، بالتساؤل الصادر من إبراهيم حول إعطاء هذا الامتياز لذرّيته ، فإن الظاهر أنه كان يقصد النبوّة التي منحها الله له ، وذلك من خلال الجواب بأن عهد الله لا ينال الظالمين ، وذلك لأننا نلاحظ أن كثيرا ما يعبّر عن النبوّة بأنها عهد الله لرسله ولأنبيائه.
٥ ـ تؤكد بعض الأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت عليهالسلام أن مرحلة الإمامة كانت متأخرة عن مرحلة النبوّة ، فقد ورد في حديث : «عن محمد ابن سنان ، عن زيد الشحام ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عليهالسلام عبدا قبل أن يتخذه نبيا ، وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا ، وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا ، وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما ، فلما جمع له الأشياء قال : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) ، قال : فمن عظمها في عين إبراهيم عليهالسلام قال : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). قال : لا يكون السفيه إمام