التقي (١). ومثله ما رواه سهل بن زياد عن محمد بن الحسين عن ابن أبي السفاتج ، عن جابر ، عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام (٢)
. وقد نحتاج إلى زيادة التأمل في هذه الأحاديث ـ بعد التأكد من صحتها (٣) ـ فإنها جارية على أساس الترتيب بين الصفات المجعولة لإبراهيم عليهالسلام ، ولكن قد يكون المراد منها تعدد جوانب الشخصية في شخصية إبراهيم في ما أولاه الله من ألطاف وامتيازات نابعة من امتداد المعاني الروحية في حياته ، وعلى ضوء ذلك يكون الترتيب بينها منطلقا من طبيعة العلاقة التي تجعل بعضها متوقفا على توفّر البعض الآخر من دون أن يكون هناك ضرورة لوجود فترة زمنية بين هذه الأمور ، ولعل عظمة الإمامة في وعي إبراهيم كانت منطلقة من شعوره بضخامة الموقع الذي وصل إليه حيث جعل إماما للناس في كل أقواله وأفعاله ، فأصبح يمثّل القاعدة التي ينطلق من خلالها الناس إلى القيم التي يؤمنون بها ، لتكون حياته الوجه الأمثل للقيمة الروحية للحياة ... وبهذا تفترق الإمامة عن النبوّة في مفهومها الداخلي ، فإن النبوّة تعتبر منطلقا للدعوة على أساس الوحي والرسالة ، بينما تعتبر الإمامة قاعدة للاقتداء والاتّباع على أساس الطاقات الفكرية والروحية والعلمية التي يملكها ، فكأن النبوّة صفة تأتيه من الخارج ، أما الإمامة فهي صفة ترتبط بالذات من خلال المعاني الكامنة في الداخل.
__________________
(١) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤١٢ ه ، ١٩٩٢ م ، م : ٥ ، ج : ١٢ ، باب : ١ ، ص : ١٢ ، رواية : ٣٦.
(٢) انظر : (م. ن) ، م : ٥ ، ج : ١٢ ، باب : ١ ، ط : ١٢ ، رواية : ٣٧.
(٣) هذه الأحاديث غير صحيحة الإسناد ، ففي الرواية الأولى مجهول «محمد بن سنان» ، وفي الرواية الثانية سهل بن زياد ، وإسحاق بن عبد العزيز «أبي السفاتج». ولذلك لا يعتمد عليها ، كما أن دراسة المضمون تدعو إلى التأمل والمناقشة الحذرة. فإنه لا معنى لاتخاذ الله الإنسان عبدا ، فإنها ذاتية في الإنسان من موقع خلقه ، ومنطقة منه من خلال خضوعه لربه وطاعته له.