من خلال العقدة النفسية التي يعيشها الإنسان إزاء ارتباطه بفكرة معينة مما لا يبقي له مجالا للانفتاح على أيّ شيء آخر مضادّ لها.
* * *
الكافرون يعطلون حواسهم عن العمل
(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) في دعوتك إياهم إلى الإيمان (كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) أي يرسل الصوت (بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) كالبهائم التي تسمع أناشيد الرعاة التي تتضمن معاني عدّة ، ولكنها لا تفهم معناها ، ولا تنفتح بها إلا على الصوت فهم لا يفهمون من كلامك الرسالي معناه ، بل يقتصرون من ذلك على الصوت المجرّد الذي يشق طريقه إلى السمع من دون أن يدخل في العقل ، لأنهم ذاهلون عن دعوتك ، منصرفون عن معناها لاستغراقهم في التفكير الذي وورثوه عن آبائهم ، فهم متعبدون بها لا ينحرفون عنه إلى غيره حتى لو كان صوابا ، لأن الصواب لا يمثل اهتماماتهم في الانتماء والاقتناع ، بل هو امتداد الماضي في عقولهم وأفكارهم. ويقول صاحب الكشاف : «ويجوز أن يراد بما لا يسمع : الأصم الأصلح الذي لا يسمع من كلام الرافع صوته بكلامه إلا النداء والتصويت لا غير ، من غير فهم للحروف ، وقيل معناه : ومثلهم في اتباعهم آباءهم وتقليدهم لهم كمثل البهائم التي لا تسمع إلا ظاهر الصوت ولا تفهم ما تحته ، فكذلك هؤلاء يتبعونهم على ظاهر حالهم ، ولا يفقهون أهم على حق أم على باطل» (١).
(صُمٌ) عن استماع الحجة كمن لا يسمعون. (بُكْمٌ) عن النطق بها
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ١ ، ص : ٣٢٨.