(وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) على هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى مما يبني لكم أجسادكم وعقولكم ويسهّل لكم حياتكم ويكفل لكم الاستقرار (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) لأن من وسائل العبادة التعبير عن الشكر للنعم الإلهية بمختلف الوسائل التي تمثل الاعتراف بالمنّة الإلهية في ما أعطاه سبحانه.
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) أي : أكلها ، والظاهر أن المراد بالميتة ما مات حتف أنفه بقرينة مقابلته ـ في هذه الآية ـ بما أهلّ به لغير الله مما هو داخل في التذكية غير الشرعية لفقدانه للتسمية ، أو للتسمية عليه بغير اسم الله ، كما أن الميتة ذكرت في سورة المائدة ـ في مقابل ما أهل لغير الله به ، والمنخنقة ـ وهي التي ماتت بالخنق ـ والموقوذة ـ وهي المضروبة بخشب أو حجر ـ والمتردّية ـ أي : التي تردت من علوّ إلى بئر فماتت ـ والنطيحة ـ وهي التي تنطحها أخرى فتموت ـ وذلك هو قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة : ٣] وهذا هو ما يستفاد من الحديث المروي عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام في تحليل السرّ في تحريم الميتة قال ـ في ما روي عنه : «أما الميتة فإنه لم ينل منها أحد إلا ضعف بدنه ، ووهنت قوته ، وانقطع نسله ، ولا يموت آكل الميتة إلّا فجأة» (١). فإن هذه الخصائص السلبية من مستلزمات الموت حتف الأنف لا من خصائص الفاقد لبعض شروط التذكية الشرعية ، أما إلحاق غير المذكى بالميتة في الحرمة ، فهو من خلال ما قد يستفاد من آية المائدة ، أو من الأحاديث الواردة في السنة الشريفة.
__________________
(١) الفقيه ، ج : ٣ ، ص : ٣٤٥ ، باب : ٥٢ ، رواية : ٤٢١٥.