الهاوية ، وذلك هو الضلال البعيد ، وذلك هو الخسران المبين.
* * *
جزاء الذين يكتمون الدين ويتاجرون به
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ) وهم أهل الكتاب من اليهود ، أو جماعة منهم ممن كانوا يبشّرون الناس بالنبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم باعتباره الرسول المرتقب الذي بشرت به التوراة وحددت صفاته أملا في أن يكون منهم ، فلما جاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعرفوا أنه من غيرهم تراجعوا عن كل ما قالوه وغيّروه وبدّلوه ، وبدأوا يتحركون على أساس كتمان الحقيقة التي عرفوها ، لئلا يكون ذلك حجة عليهم من قبل المسلمين.
وإذا صح نزول الآية في هذه الجماعة ، فإن الآية مطلقة لكل الذين يكتمون الحق الموجود في الكتاب المنزل توراة أو إنجيلا أو قرآنا ، في ما تضمنه من الحقائق المتصلة بالعقائد أو الشرائع أو مناهج الحياة ، لأن الكتاب يمثل رسالة الله المتحركة في خط النبوات ، وهو ينطلق من وحدة على مستوى القضايا الكلية في موقع القاعدة مع تنوّع التفاصيل ، فلا يريد الله لأهله أن يكتموه عن الناس ، بل يريد لهم أن يبلغوه بالمبادرة تارة على مستوى الدعوة والتبليغ ، وبالجواب عن السؤال أخرى ، على مستوى الاستجابة لعلامات الاستفهام لدى الناس ، (وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي يعملون على الاتجار به وتحويله الى سلعة للتجارة فيحتكرونه لأنفسهم ، ولا ينشرونه بين الناس ، ليحصلوا على الثمن الذي يدفعه الآخرون المحتاجون إليه في مقابله ، مما لا يتفق مع الحقيقة المنزلة ، بل ينطلق في خط التحريف ، ولكنهم مهما حصلوا عليه من المال كبدل للكتاب ، فإنه لا يمثل إلّا ثمنا قليلا ، لأن الكتاب أكبر من