(وَتُبْ عَلَيْنا) من موقع الإخلاص لك والاندماج في الإحساس بعظمتك ، حتى يخيّل إلينا أننا لم ننسجم مع كل ما يرضيك في الوقت الذي لم يصدر منا شيء من شؤون سخطك ، (إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) الذي يتعهّد عباده بالمحبة والعفو والرضوان ، فيغفر للعاصين منهم ، ويزيد الطائعين من رضاه انطلاقا من رحمته التي وسعت كل شيء.
(رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) من داخل مجتمعهم يعيش كل أوضاعهم ويطّلع على كل مشاكلهم ، ويعرف كل حاجاتهم الروحية والفكرية والعملية ، فإن قضية أن يكون الرسول من داخل الأمة التي يتحرك منها نحو العالم هي قضية الرسول الذي يعي كل الواقع ، وكل الآفاق الواسعة التي ينطلق بأمته فيها ، يحاكي شجونها وقضاياها قبل أن يصل إلى مرتبة النبوّة والرسالة. (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ) التي توحي إليهم بكل الشرائع والمفاهيم والأفكار والمناهج والأساليب والأهداف ، التي تمثل إرادتك في حياة خلقك لتكون طوع رضاك ، (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ) الذي يمثل خط النظرية العام في المنهج الرسالي للإنسان والحياة (وَالْحِكْمَةَ) التي تمثل حركة التطبيق العملي للنظرية فيضعون الأشياء في مواضعها ، ويتحركون بها في مسارها الطبيعي ، (وَيُزَكِّيهِمْ) فيطهّر نفوسهم من الشرك ، ومن كل القذارات الروحية الأخلاقية التي تشوّه إنسانيتهم ، وتربك خطواتهم ، وتبتعد بهم عن نظافة التصور والسلوك ، (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الذي لا ينتقص أحد من عزته ، الذي جعل لكل شيء قدرا ووضع كل شيء في موضعه انطلاقا مما يصلح الحياة والإنسان ويجنّبهما المفاسد في كل حركة الواقع.
* * *
أمّا ما نستوحيه من هذه الآيات فهو عدة أمور :