قال : فلمّا سمع اخواته كلامه هذا ، صحن وبكين وبكت بناته ، فارتفعت أصواتهنّ ، فأرسل إليهنّ أخاه العبّاس بن عليّ ، وعليّا ابنه ، وقال لهما أسكتاهنّ فلعمري ليكثرنّ بكاؤهنّ. فلمّا سكتن ، حمد الله وأثنى عليه ، وذكر الله بما هو أهله ، وصلّى على محمّد صلّى الله عليه وعلى ملائكته وأنبيائه فذكر من ذلك ما الله أعلم ، وما لا يحصى ذكره ، قال:
فو الله ما سمعت متكلّما قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه ، ثم قال : أمّا بعد فانسبوني فانظروا من أنا ، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم (ص) وابن وصيه وابن عمّه؟ وأوّل المؤمنين بالله والمصدّق لرسوله بما جاء به من عند ربّه؟ أو ليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي؟ أو ليس جعفر الشهيد الطيّار ذو الجناحين عمّي؟ أو لم يبلغكم قول مستفيض فيكم : ان رسول الله (ص) قال لي ولأخي «هذان سيّدا شباب أهل الجنّة»؟ فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحقّ ، والله ما تعمّدت كذبا مذ علمت انّ الله يمقت عليه أهله ، ويضرّ به من اختلقه! وان كذّبتموني فانّ فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، أو أبا سعيد الخدريّ ، أو سهل بن سعد الساعدي ، أو زيد بن أرقم ، أو أنس بن مالك ، يخبروكم انّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (ص) لي ولأخي ، أفما في هذا حاجر لكم عن سفك دمي؟ فقال له شمر بن ذي الجوشن : هو يعبد الله على حرف ، ان كان يدري ما تقول ، فقال له حبيب بن مظاهر : والله انّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفا ، وأنا اشهد انّك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك ، ثم قال لهم الحسين : فإن كنتم في شكّ من هذا القول أفتشكّون أثرا ما انّي ابن بنت نبيّكم؟ فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري منكم ولا من غيركم. أنا ابن بنت نبيّكم خاصّة ، اخبروني أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو