مصحفا ونشره على رأسه ، ووقف بإزاء القوم وقال : يا قوم! انّ بيني وبينكم كتاب الله وسنة جدي رسول الله (ص) (١).
وقال الخوارزمي : لمّا عبّأ ابن سعد أصحابه ، فأحاطوا بالحسين من كلّ جانب حتّى جعلوه في مثل الحلقة ، خرج الحسين من أصحابه فأتاهم فاستنصتهم ، فابوا أن ينصتوا فقال لهم : ويلكم! ما عليكم أن تنصتوا إليّ فتسمعوا قولي! وإنّما أدعوكم إلى سبيل الرشاد! فتلاوم أصحاب عمر بن سعد ، وقالوا : أنصتوا له ، فقال :
تبّا لكم أيّتها الجماعة وترحا! أحين استصرختمونا والهين ، فأصرخناكم موجفين ، سللتم علينا سيفا لنا في ايمانكم ، وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدوّنا وعدوّكم ، فأصبحتم ألبا لأعدائكم على أوليائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، فهلّا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن ، والرأي لما يستحصف ، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدبا ، وتداعيتم عليها كتهافت الفراش ، ثم نقضتموها ، فسحقا لكم يا عبيد الامة! وشذاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ومحرّفي الكلم ، وعصبة الآثم ونفثة الشيطان ، ومطفئي السنن ، ويحكم! أهؤلاء تعضدون ، وعنّا تتخاذلون؟! أجل والله غدر فيكم قديم ، وشجت عليه اصولكم ، وتأزرت فروعكم ، فكنتم أخبث ثمر ، شجى للناظر وأكلة للغاصب!
ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين ، بين السلّة ، والذلّة وهيهات منا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ، ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت وطهرت ، وانوف حميّة ، ونفوس أبيّة من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ، ألا وإنّي زاحف بهذه الأسرة على قلّة العدد وخذلان الناصر ، ثمّ
__________________
(١) تذكرة الخواص ص ٢٥٢.