لم ترموهم إلّا بالحجارة لقتلتموهم. فقال عمر بن سعد : صدقت ، الرأي ما رأيت. وأرسل إلى الناس يعزم عليهم الّا يبارز رجل منكم رجلا منهم.
قال : ودنا عمرو بن الحجّاج من أصحاب الحسين يقول : يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الامام ، فقال له الحسين : يا عمرو بن الحجّاج! أعليّ تحرّض الناس؟! أنحن مرقنا ، وأنتم ثبتّم عليه؟! أما والله لتعلمنّ لو قد قبضت أرواحكم ومتم على أعمالكم ، أيّنا مرق من الدين! ومن هو أولى بصلي النار!
وقال الطبري : فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوى من جرح. قال : فضرب حتّى كسرت عضداه وأخذ أسيرا. قال : فأخذه شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحاب له يسوقون نافعا حتى أتي به عمر بن سعد ، فقال له عمر بن سعد : ويحك يا نافع! ما حملك على ما صنعت بنفسك؟! قال : انّ ربّي يعلم ما أردت ، قال : والدماء تسيل على لحيته وهو يقول : والله لقد قتلت منكم اثني عشر سوى من جرحت وما ألوم نفسي على الجهد ، ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني ، فقال له شمر : اقتله أصلحك الله ، قال : أنت جئت به فإن شئت فاقتله ، قال : فانتضى شمر سيفه ، فقال له نافع : أما والله ان لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا ، فالحمد لله الّذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه ، فقتله. قال : ثم أقبل شمر يحمل عليهم وهو يقول :
خلّوا عداة الله خلّوا عن شمر |
|
يضربهم بسيفه ولا يفرّ |
وهو لكم صاب وسمّ ومقرّ |
قال فلمّا رأى أصحاب الحسين انهم قد كثروا وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسينا ولا أنفسهم ؛ تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.