لاشدّنّ عليه ، فقلت له : سبحان الله وما تريد إلى ذلك ، يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوهم (١) قال : فقال : والله لاشدّنّ عليه ، فشدّ عليه فما ولى حتّى ضرب رأسه بالسيف ، فوقع الغلام لوجهه ، فقال : يا عمّاه! قال : فجلّى الحسين كما يجلّي الصقر ، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب ، فضرب عمرا بالسيف ، فاتّقاه بالساعد فأطنّها من لدن المرفق ، فصاح ـ صيحة سمعها أهل العسكر ـ (٢) ثمّ تنحى عنه ، وحملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من حسين ، فاستقبلت عمرا بصدورها فحركت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه ، فتوطّأته حتّى مات ، وانجلت الغبرة فإذا أنا بالحسين قائم على رأس الغلام ، والغلام يفحص برجليه ، وحسين يقول : بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك ثمّ قال : عزّ والله على عمّك ، أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا ينفعك. صوت والله كثر واتره وقلّ ناصره. ثمّ احتمله فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض وقد وضع حسين صدره على صدره ، قال : فقلت في نفسي : ما يصنع به ، فجاء به حتّى القاه مع ابنه عليّ بن الحسين وقتلى قد قتلت حوله من أهل بيته ، فسألت عن الغلام فقيل : هو القاسم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب.
__________________
(١) في الطبري : احتولهم.
(٢) الطبري ٢ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، وارشاد المفيد ص ٢٢٣.