إليه رسالة يزيد فقال : وما الّذي يريد منّي يزيد؟ انّما أنا رجل مجاور هذا البيت عائذ من شر يزيد وغير يزيد ، فان تركني فيه والا انتقلت عنه إلى بلد غيره وكنت فيه إلى أن يأتيني الموت ، ثمّ أمر لهم بمنزل فصاروا إليه يومهم ذلك ولمّا كان من الغد خرج فصلّى بأصحابه الفجر ، ثمّ أقبل فجلس في الحجر واجتمع إليه أصحابه ، وأقبل إليه هؤلاء الوفد الّذين قدموا عليه من عند يزيد ، وتكلّموا كلاما يرجون به اتباعه ليزيد وطاعته له ، قال : فأقبل إليه النعمان بن بشير فقال : بلغ يزيد عنك أنّك تصعد المنبر فتذكره وتذكر أباه معاوية بكلّ قبيح ، وأنت تعلم أنّه امام وقد بايعه الناس ، ولا نحبّ لك أن تخرج يدك من الطاعة وتفارق الجماعة ، وبعد فانّ الغيبة لا خير فيها ، قال : فقطع عليه الكلام عبد الله بن الزبير ، ثمّ قال : يا ابن بشير! انّ الفاسق لا غيبة له ، وما قلت فيه إلّا ما قد علمه الناس منه ، ولو كان على ما كان عليه الائمة الاخيار سمعنا وأطعنا ولذكرناه بكلّ جميل ، وبعد فانّي أنا في هذا البيت بمنزلة حمامة من حمام مكّة ، أفتحلّ لكم أن تؤذوا حمام مكّة؟ قال : فغضب عبد الله بن عضاءة الاشعري ، فقال : نعم والله يا ابن الزبير ، نؤذي حمام مكّة ونقتل حمام مكّة ، وما حرمة حمام مكّة؟ يا ابن الزبير! أتصعد المنبر وتتكلم في أمير المؤمنين بكلّ قبيح ثم تشبه نفسك بحمام مكة؟ ثمّ قال : يا غلام ، ائتني بقوسي وسهمي. قال : فأتي بقوسه وسهامه فأخذ سهما فوضعه في كبد قوسه ثمّ سدّده نحو حمام مكّة وقال : يا حمامة! أيشرب أمير المؤمنين ويفجر؟ قولي نعم. أما والله لو قلت : نعم ، لما أخطأك سهمي هذا ، يا حمامة! أيلعب أمير المؤمنين بالقرود والفهود ويفسق في الدين؟ قولي : نعم. أما والله لئن قلت : نعم ، لا أخطأك سهمي هذا ، يا حمامة فتقتلين أم تخلعين الطاعة وتفارقين الجماعة وتقيمين في الحرم عاصية؟ قولي : نعم. قال : ثمّ أقبل عبد الله بن عضاءة على ابن الزبير فقال له : ما لي لا أرى الحمامة