تأتيهم بها من قبل الحرّة مشرقا ، ثم تستقبل القوم فإذا استقبلتهم وقد أشرقت عليهم الشمس طلعت بين أكتاف أصحابك فلا تؤذيهم وتقع في وجوههم فيؤذيهم حرّها ويصيبهم أذاها ، ويرون ـ ما دمتم مشرقين ـ من ائتلاق بيضكم وحرابكم وأسنّة رماحكم وسيوفكم ودروعكم ما لا ترونه أنتم ما داموا مغربين ، ثمّ قاتلهم واستعن بالله عليهم ، فقال له مسلم : لله أبوك أي امرئ ولد! ثمّ انّ مروان دخل عليه فقال له : إيه : فقال : أليس قد دخل عليك عبد الملك؟! قال : بلى وايّ رجل عبد الملك ، قلّما كلّمت من رجال قريش رجلا شبيها به ، فقال : إذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني. ثمّ انّه صار في كلّ مكان يصنع ما أمر به عبد الملك. فجاءهم من قبل المشرق ، ثمّ أمهلهم ثلاثا ، فلمّا مضت الثلاث قال : يا أهل المدينة ما تصنعون؟ أتسالمون أم تحاربون؟ قالوا : بل نحارب ، فقال لهم : لا تفعلوا بل ادخلوا في الطاعة ونجعل حدّنا وشوكتنا على أهل هذا الملحد الذي قد جمع إليه المرّاق والفسّاق من كل أوب ـ يعني ابن الزبير ـ فقالوا له : يا أعداء الله لو أردتم أن تجوزوا إليه ما تركناكم ، نحن ندعكم أن تأتوا بيت الله الحرام وتخيفوا أهله وتستحلّوا حرمته؟! لا والله لا نفعل! (١).
قال المسعودي والدينوريّ واللفظ للأول : احتفر أهل المدينة خندق رسول الله (ص) الذي كان قد حفره يوم الاحزاب ، وشكوا المدينة بالحيطان ، وقال شاعرهم مخاطبا ليزيد :
انّ بالخندق المكلّل بالمجد |
|
لضربا يبدي عن النشوات |
لست منّا وليس خالك منّا |
|
يا مضيع الصلاة للشهوات |
فإذا ما قتلتنا فتنصّر |
|
واشرب الخمر واترك الجمعات(٢) |
__________________
(١) الطبري ٧ / ٦ ـ ٨ ، وابن الاثير ٤ / ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) التنبيه والاشراف ص ٢٦٤ ، والأخبار الطوال ص ٢٦٥.