يعرف ممّا أوردنا ومن سائر أعمال الإمام وأقواله في أيام قيامه ؛ انّه كان قد حمل إلى الناس شعار بطلان أمر الخلافة القائمة ، وصحّة أمر الإمامة. وهدفه من كلّ ما قال وفعل ؛ أن يؤمن الآخرون بهذا الشعار. فمن آمن به اهتدى ومن لم يؤمن بعد أن بلغه نداء الإمام تمّت الحجّة عليه ، ومن ثمّ كان يعمل جاهدا في سبيل نشر قضيّته.
كان هذا شعار الإمام وهدفه واتخذ الشهادة سبيلا للوصول إلى هدفه ، ولنعم ما قال الشاعر على لسانه :
ان كان دين محمد لم يستقم |
|
إلّا بقتلي يا سيوف خذيني |
وممّا يدلّ على ذلك ما ورد في كتابه إلى بني هاشم :
أمّا بعد ، فانّ من لحق بي استشهد ، ومن تخلّف لم يدرك الفتح.
صرّح الإمام في هذا الكتاب بأنّ سبيله الشهادة ومآلها الفتح ، وكذلك كان شأن سائر أقواله وأفعاله في هذا القيام فإنّها كلّها توضح ما حمل من شعار ، وما اتّخذ من سبيل وهدف ، وكان حين يدعو ويستنصر يدعو ويستنصر من يشاركه في كلّ ذلك على بصيرة من أمره ، مثل قصّته مع زهير بن القين فانّ الإمام حين دعاه ذهب إلى الإمام متكارها ، ثم ما لبث ـ كما قال الراوي ـ أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه ، فأمر بفسطاطه فحمل إلى الحسين (ع) ، ثم قال لامرأته : أنت طالق! الحقي بأهلك ، فانّي لا أحب أن يصيبك من سببي إلّا خير ، ثمّ قال لأصحابه : من أحبّ منكم الشهادة فليقم وإلّا فانّه آخر العهد.
أخبر زهير بمصيره قبل أن يصل إلى ركب الإمام خبر استشهاد مسلم وهانئ وانقلاب أهل الكوفة على أعقابهم ، وأخبرهم انّه سمع في غزوة بلنجر من الصحابي سلمان الباهلي أن يستبشروا بادراك هذا اليوم.
كان الإمام يدعو أنصارا من هذا القبيل ، ويبعد عن نفسه من اتبعه أملا