جانب. لا تفارق الحرم فداك عمّي وخالي فو الله لئن هلكت لنسترقنّ بعدك.
وسار الحسين حتى دخل مكّة يوم الجمعة لثلاث مضين من شعبان وهو يقرأ : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ ، قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) ، ودخل ابن الزبير مكة ولزم الكعبة ، يصلّي عندها عامّة النهار ، ويطوف ويأتي حسينا في من يأتيه ، ويشير عليه بالرأي ، وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير ، قد عرف انّ أهل الحجاز لا يبايعونه أبدا ما دام الحسين بالبلد ، وأنّه أعظم في أعينهم وأنفسهم منه ، وأطوع في الناس منه (١).
فأقبل أهلها يختلفون إليه ويأتيه المعتمرون وأهل الآفاق (٢).
وفي هذه السنة عزل يزيد الوليد وولى على الحرمين عمرو بن سعيد (٣) ، وبلغ أهل الكوفة موت معاوية وامتناع الحسين وابن الزبير وابن عمر عن البيعة ؛ فاجتمعوا وكتبوا إليه كتابا واحدا ... أمّا بعد : فالحمد لله الذي قصم عدوّك الجبّار العنيد الذي انتزى على هذه الأمّة فابتزها أمرها وتآمر عليها بغير رضى منها ... فبعدا له كما بعدت ثمود. انّه ليس علينا إمام فأقبل لعلّ الله أن يجمعنا بك على الحقّ ، والنعمان بن بشير ـ الوالي ـ في قصر الامارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا عيد ، ولو قد بلغنا أنّك قد أقبلت أخرجناه حتى نلحقه بالشام ... وبعثوا بالكتاب مع رجلين فأغذّا السير حتى قدما على الإمام الحسين لعشر مضين من شهر رمضان. ثمّ مكثوا يومين وسرّحوا إليه ثلاثة رجال معهم نحو من ثلاث وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والاربعة ، ثمّ لبثوا يومين آخرين وأرسلوا رسولين وكتبوا معهما ... إلى الحسين بن علي من شيعته المؤمنين والمسلمين ، أمّا بعد فحيّ هلا فانّ الناس ينتظرونك ولا رأي لهم في غيرك ، فالعجل العجل والسلام عليك.
وكتب إليه رءوس من رؤساء الكوفة كتابا ورد فيه : فأقدم على جند لك
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ١٩٦ ـ ١٩٧.
(٢) الطبري ٦ / ١٩٦.
(٣) الطبري ٦ / ١٩١.