وأصحابه في نحر الظهيرة ، فقال الحسين لأصحابه وفتيانه : اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشّفوا الخيل ترشيفا فسقوا القوم من الماء حتى ارووهم ، واقبلوا يملئون القصاع والاتوار والطساس من الماء ثمّ يدنونها من الفرس ، فاذا عبّ فيه ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلوها عنه وسقوا آخر حتى سقوا الخيل كلها ، قال علي بن الطعان المحاربي : كنت آخر من جاء من أصحاب الحرّ فلمّا رأى الحسين ما بي وبفرسي من العطش قال : أنخ الراوية ، والراوية عندي السقاء ، ثمّ قال : يا ابن أخي أنخ الجمل فأنخته ، فقال : اشرب فجعلت كلّما شربت سال الماء من السقاء ، فقال الحسين اخنث السقاء أي اعطفه قال : فجعلت لا أدري كيف أفعل ، قال : فقام الحسين فخنثه فشربت وسقيت فرسي.
قال المؤلف : الا يجد الباحث في أمر الإمام بارواء الف فارس وفرسه في هذا اليوم تعليلا لما أمر به فتيانه في سحر هذا اليوم أن يستقوا وانهم استقوا وأكثروا؟ الا يجوز أن يكون الإمام الحسين قد سمع من جده الرسول في هذا الشأن خاصّة أنباء تلقاها الرسول عن علّام الغيوب؟
قال الطبري وغيره : وكان مجيء الحرّ من القادسية ، أرسله الحصين بن نمير في هذه الألف ، وذلك ان عبيد الله بن زياد لما بلغه اقبال الحسين بعث الحصين التميمي وكان على شرطه فأمره أن ينزل القادسية ويضع المسالح ما بين القطقطانة إلى خفّان فارسل الحصين الحرّ ليستقبل الحسين. فلم يزل موافقا الحسين حتى حضرت صلاة الظهر فأمر الحسين مؤذنه بالأذان فأذّن ، فخرج الحسين إليهم ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أيها الناس! انها معذرة إلى الله عزوجل وإليكم إنّي لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ان أقدم علينا فانه ليس لنا امام لعل الله يجمعنا بك على الهدى ، فان كنتم على ذلك فقد جئتكم ، فإن تعطوني ما اطمئنّ إليه من عهودكم