النعمان ترعى هنالك فإذا هم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة على رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرمّاح بن عدي على فرسه وهو يقول :
يا ناقتي لا تذعري من زجري |
|
وشمّري قبل طلوع الفجر |
بخير ركبان وخير سفر |
|
حتّى تحلي بكريم النجر |
الماجد الحرّ رحيب الصدر |
|
أتى به الله لخير أمر |
ثمّت ابقاه بقاء الدهر |
قال فلمّا انتهوا إلى الحسين انشدوه هذه الأبيات فقال : أما والله انّي لارجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا ؛ قتلنا أم ظفرنا.
وأقبل إليهم الحرّ بن يزيد فقال : إنّ هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك وأنا حابسهم أو رادّهم. فقال له الحسين : لأمنعنّهم مما أمنع منه نفسي انما هؤلاء أنصاري وأعواني وقد كنت اعطيتني أن لا تعرض لي بشيء حتى يأتيك كتاب من ابن زياد. فقال : أجل لكن لم يأتوا معك. قال : هم أصحابي وهم بمنزلة من جاء معي فان تممت على ما كان بيني وبينك وإلّا ناجزتك ، فكفّ عنهم الحرّ ، ثمّ قال لهم الحسين : أخبروني خبر الناس وراءكم؟
فقال له مجمّع بن عبد الله العائذي ، وهو أحد النفر الأربعة الذين جاءوه : أمّا أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائرهم ، يستمال ودّهم ، ويستخلص به نصيحتهم ، فهم ألب واحد عليك ، وأمّا سائر الناس بعد فان أفئدتهم تهوي إليك وسيوفهم غدا مشهورة عليك. قال : أخبروني فهل لكم برسولي إليكم ؛ قالوا : من هو؟ قال : قيس بن مسهر الصيداويّ ، فقالوا : نعم أخذه الحصين بن نمير فبعث به إلى ابن زياد فأمره ابن زياد أن يلعنك ويلعن أباك ؛ فصلّى عليك وعلى أبيك ولعن ابن زياد وأباه ، ودعا إلى