نصرتك ، وأخبرهم بقدومك ، فأمر به ابن زياد فألقي من طمار القصر ، فترقرقت عين الحسين (ع) ولم يملك دمعه ثمّ قال : (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا) ، اللهم اجعل لنا الجنّة نزلا ، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك.
ثمّ دنا الطرمّاح بن عديّ من الحسين فقال له : والله انّي لا نظر فما أرى معك أحدا ، ولو لم يقاتلك إلّا هؤلاء الّذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم ، وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة إليك بيوم ظهر الكوفة وفيه من الناس ما لم تر عين في صعيد واحد جمعا أكثر منه ، فسألت عنهم فقيل اجتمعوا ليعرضوا ثمّ يسرّحون إلى الحسين ، فأنشدك الله إن قدرت على أن لا تقدم عليهم شبرا إلّا فعلت ، فان أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتى ترى من رأيك ويستبين لك ما أنت صانع ، فسر حتى أنزلك مناع جبلنا الّذي يدعى أجأ ، امتنعنا والله به من ملوك غسّان وحمير ، ومن النعمان بن المنذر ، ومن الأسود والأحمر ، والله ان دخل علينا ذلّ قطّ ، فأسير معك حتى أنزلك القرية ثمّ نبعث إلى الرجال ممن بأجأ وسلمى من طيّئ فو الله لا يأتي عليك عشرة أيّام حتى يأتيك طيئ رجالا وركبانا ، ثمّ أقم فينا ما بدا لك ، فان هاجك هيج فأنا زعيم لك بعشرين ألف طائيّ يضربون بين يديك بأسيافهم والله لا يوصل إليك أبدا ومنهم عين تطرف. فقال : له : جزاك الله وقومك خيرا ، انّه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف ولا ندري على ما تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة. ومضى الحسين حتى انتهى إلى قصر بني مقاتل فنزل به فاذا هو بفسطاط مضروب ، فقال : لمن هذا الفسطاط؟ فقيل : لعبيد الله بن الحرّ الجعفيّ ، قال : ادعوه لي. وبعث إليه فلمّا اتاه الرسول ، قال : هذا الحسين بن علي يدعوك ، فقال عبيد الله بن الحرّ : إنّا لله وإنا إليه راجعون ، والله ما خرجت من الكوفة إلّا كراهة أن يدخلها الحسين