الفلاسفة المسلمون قسماً من العقل العملي.
إنّ هذه القوة الإدراكية في تشخيص الأُمور الحسنة عن السيّئة لا تحتاج إلّا إلى تشخيص ماهية العمل أوّلاً ، وفي مقام الحكم لا تحتاج إلّا إلى محكمتها الخاصة بها ، ولا تحتاج إلى قاض من الخارج ثانياً ، وحينما يقال : «الوجدان هو المحكمة التي لا تحتاج إلى قاض» المقصود منه انّ الوجدان لا يحتاج إلى قاض خارج عنه ، بل الوجدان مستقل في قضائه وحكمه.
لقد أثبتت التجارب انّ للوجدان جذوراً في طبيعة الإنسان وخلقته ، وانّ الطفل ومنذ أوّل خطوة يخطوها على البسيطة توجد في داخله هذه القوّة وهذه الطاقة جنباً إلى جنب مع باقي الغرائز والميول والرغبات الطبيعية الأُخرى ، وتأخذ هذه «القوة» أي قوة الوجدان بالتكامل والاشتداد كلّما كبر ونمت قواه الطبيعية.
وعلى هذا الأساس نعرف انّ النداء الوجداني والتحسين والثناء أو اللوم والتوبيخ والذم ، لم يلق إلى الإنسان من الخارج ، وحسب الاصطلاح التعليمي لا يتعلّمها الإنسان من خلال وسائل وطرق التعليم الخارجية ، بل هو نداء ينبعث من داخل الإنسان وباطنه ويسمعه في أعماقه ، وهو من الأُمور الفطرية التي أُودعت في طينته وخلقته والتي تسوقه إلى طريق السعادة والفلاح.
الفرق بين الوجدان الفطري والوجدان الأخلاقي
نطرح المثال التالي لتمييز النداء الفطري عن غيره وإن ظهر بمظهر الأُمور الفطرية : لا شكّ انّ نقض العهود ، وخيانة الأمانة والتعدّي على حقوق