(... يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا* وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (١).
وفي آية أُخرى يشير سبحانه وتعالى إلى هذا العامل وإلى حالة التنافر واللعن التي يعيشها أصحاب الجحيم ، لأنّهم يرون أنّ كلّ أُمّة هي ضحية الأُمّة السابقة والتي أطاعتها بلا وعي ولا إدراك فأوردتها الجحيم ، يقول سبحانه :
(... كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ ...). (٢)
ففي هذه الآية عبّر عن الرؤساء والشيوخ والقادة بلفظ «أُولاهم» بمعنى طليعتهم ومقدّمة الركب وقادة القافلة.
٥. الاقتداء والتأسّي بالآباء بلا وعي ولا اتّزان
لقد أولى الإسلام أهمية خاصة للآباء والأجداد والأسلاف وجعل لهم احتراماً ومنزلة كبيرين في التشريع والتقنين الإسلامي ، سواء على مستوى الأفراد أو الأُسر أو المجتمع ، ولكنّه في نفس الوقت حذّر من أن تصبح تلك العلاقة الباطنية والنفسية سبباً لتعطيل آلة الفكر لدى الإنسان بنحو يضع نفسه ومن دون أيّ قيد أو شرط تحت تصرف أسلافه مهما شاءوا وكيفما شاءوا.
ولذلك نرى القرآن الكريم في الوقت الذي يحثّ الإنسان على احترام أبويه وتبجيلهم وتقديرهم يذكّره أنّ لهذا الاحترام وهذه الطاعة حدوداً لا يمكن
__________________
(١). الأحزاب : ٦٦ ـ ٦٧.
(٢). الأعراف : ٣٨.