الجمادية إلى الحالة الإنسانية من دون أن تصل المراتب السابقة إلى مرحلة التعيّن والتشخّص، ومن هنا يكون سير الجماد من خلال هذا الطريق سبباً للتكامل والرقي ، والحال أنّ السير حسب نظرية التناسخ يُعدُّ سبباً للجمع بين المتضادات وعاملاً للانحطاط.
فهذا النوع من التناسخ يُعدُّ أصلاً باطلاً وإن كان في حدّ ذاته لا يتنافى مع القول بالمعاد. (١)
تحليل جامع للتناسخ
إلى هنا تعرّفنا على أقسام التناسخ وبطلان كلّ قسم منها بصورة مستقلة ، وقد حان الوقت للحديث عن التناسخ بصورة جامعة وإبطاله من دون الالتفات إلى خصائص كلّ قسم من أقسامه ، ولقد ذكرت لإبطال التناسخ الكثير من الأدلّة ، نكتفي بذكر دليلين فقط، هما :
الدليل الأوّل : تعلّق نفسين في بدن واحد
إنّ لازم القول بالتناسخ المطلق هو تعلّق نفسين في بدن واحد ، واجتماع روحين في جسد واحد ، وهذا البرهان يبتني على التسليم بأصلين ، هما :
أ. كلّ جسم ـ الأعم من النباتي أو الحيواني أو الإنساني ـ حين يصل إلى مرحلة الاستعداد لتقبل الروح وتعلّقها به فإنّ الله سبحانه وتعالى يفيض عليه الروح ، وذلك لأنّ المشيئة الإلهية تعلّقت بأن يوصل كلّ ممكن إلى كماله المطلوب.
ففي هذه الحالة تطلب الخلية النباتية نفساً نباتية ، وتطلب النطفة الحيوانية
__________________
(١). انظر الأسفار : ٩ / ٢٢ ـ ٢٣.