ومن الواضح أنّ ظاهر الروايات المذكورة وغيرها يدلّ على أنّ في يوم القيامة توجد مواقف وقناطر نصبت على الصراط وفي كلّ موقف من هذه المواقف يسأل الإنسان عن فريضة من الفرائض الإلهية ، هذه هي نظرية الشيخ الصدوق قدسسره.
نظرية الشيخ المفيد
من المعروف أنّ الشيخ المفيد قدسسره اعتمد المنهج العقلي بصورة أكثر في المباحث الكلامية ، وسلك ذلك الطريق في تفسيره لتلك المسائل الكلامية ، وحاصل كلامه في شرحه لكلام الصدوق قدسسره :
إنّ المراد من العقبات هي الفرائض ، فيسأل الإنسان عنها ، دون أن يكون في البين جبال وعقبات يعبرها الإنسان حتّى يصل إلى الجنة أو النار ، وإنّما سمّيت الفرائض بالعقبات لأنّ إطاعتها لا تخلو من صعوبة ومشقة. (١)
ثمّ أضاف قدسسره : وليس كما ظنّه الحشوية من أنّ في الآخرة جبالاً وعقبات يحتاج الإنسان إلى قطعها ماشياً وراكباً ، وذلك لا معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء ، ولا وجه لخلق عقبات تسمّى بالصلاة والزكاة والصيام والحجّ وغيرها من الفرائض يلزم الإنسان أن يصعدها ، فإن كان مقصراً في طاعة الله ، حال ذلك بينه وبين صعودها ، إذ كان الغرض في القيامة المواقفة على الأعمال والجزاء عليها بالثواب والعقاب ، وذلك غير مفتقر إلى تسمية عقبات ، وخلق جبال وتكليف قطع ذلك وتصعيبه أو تسهيله ، مع أنّه لم يرد خبر صحيح بذلك على التفصيل فيعتمد عليه وتخرج له الوجوه ، وإذا لم يثبت بذلك خبر كان الأمر فيه ما ذكرناه. (٢)
__________________
(١). وعلى هذا الأساس لا يمكن الجمود على ظواهر الروايات ، بل حمل هذه التعابير على نحو التشبيه والتمثيل لتقريب الحقائق غير المحسوسة التي لا يمكن إدراكها.
(٢). بحار الأنوار : ٧ / ١٢٩.