ويقول عليهالسلام أيضاً :
«فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إخْلاقِهِمْ ، وَجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ ، ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِما يُريدُهُ مِنْ مَسألَتِهِمْ عَنْ خَفايَا الأَعْمالِ وَخَبايَا الأَفْعالِ وَجَعَلَهُمْ فَريقَين أنْعَمَ عَلى هَؤلاءِ وَانْتَقَمَ مِنْ هَؤلاءِ ...». (١)
٣. المعاد مجلى الوعد الإلهي
هنا يمكن إقامة الدليل على حتمية المعاد بنحو يكون ذلك الدليل قائماً على أُسس شرعية وأُخرى عقلية ، وهي أنّ الله سبحانه قد وعد في الكتب السماوية السابقة وكذلك في القرآن الكريم ، بأنّه سيثيب المحسنين يوم القيامة ويعاقب العاصين ، من هنا تدخل مسألة القيامة في إطار الوعد الإلهي وتعد إحدى مسائله.
وعلى هذا الأساس يحكم العقل وبصورة قطعية بأنّ الوفاء بالوعد والعمل به حسن عقلاً ، وانّ خلف الوعد قبيح عقلاً ومرفوض وغير جائز قطعاً ، ثمّ يستنتج العقل من ذلك انّ تحقّق المعاد يوم القيامة وإثابة المحسنين والمطيعين أمرٌ حتمي وقطعي لا يمكن أن يتخلّف.
إنّ هذا النوع من الاستدلال على حتمية يوم القيامة يختلف عن الاستدلالين السابقين اختلافاً تامّاً ، وذلك لأنّ الاستدلالين السابقين مبنيان على أُسس عقلية ، وانّ الآيات الواردة هنا تشير إلى حكم العقل في المسألة ، سواء قلنا : «إنّ الخلق بدون المعاد عبث» ، أو قلنا : «إنّ المساواة بين العباد في الثواب والعقاب على خلاف العدل الإلهي».
ولكن يكون الاستدلال على حتمية المعاد هنا قائماً على ركيزتين إحداهما
__________________
(١). نهج البلاغة : الخطبة ١٠٩.