أمعن النظر في آيات الذكر الحكيم يجد بعضها تقارن بين الإعراض والكفر ، وترى أنّ الإعراض يساوي الكفر ، قال تعالى :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً). (١)
١٠. مَن خفّت موازينهم
إنّ آيات الذكر الحكيم تقسّم الناس يوم القيامة إلى مَن ثقلت موازينه وإلى مَن خفت موازينه ، فيقول سبحانه :
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ). (٢)
ومن الملاحظ أنّ ظاهر الآية المباركة يحكم على كلّ مَن خفّت موازينه بالخلود في النار حتّى لو كان مسلماً ولكن كانت أعماله الصالحة أقلّ من أعماله القبيحة ، فإنّه وطبقاً لظاهر الآية يدخل في عداد الخالدين في النار وزمرتهم ، وحينئذٍ تكون النتيجة أنّ مرتكب الكبيرة الذي تترجّح سيئاته على حسناته يُعدّ من الخالدين في النار ، وحينها تدلّ الآية على خلود طائفة خاصة من المؤمنين ممّن ارتكبوا الكبيرة في النار.
ولكن الإمعان في سياق الآيات المباركة يكشف لنا بوضوح أنّ المراد ممّن خفّت موازينه هم الكافرون بآيات الله سبحانه والمكذّبون والمنكرون لرسالة النبي الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم والشاهد على ذلك قوله سبحانه :
__________________
(١). الكهف : ٥٧.
(٢). المؤمنون : ١٠٣.