المعنى الثاني وتفسيرها وفقاً له ، ولا يحق لأحد أن يدّعي أنّ هذا النوع من التفسير لا يصحّ ، لأنّه نوع من التأويل الباطل ، كذلك لا يصحّ لنا التهرّب من تفسير المفاهيم القرآنية والمعارف الإلهية ، مثل «الميزان» و «الصراط» وأمثالها تحت ذريعة انّ هذا التفسير هو من قبيل التأويل ونصرف النظر عن الظهور التصديقي للآيات كما فعل أصحاب الحديث.
إنّ آفة تفاسير أهل الحديث تكمن في أنّهم لم يضعوا حدّاً مائزاً بين الظهور التصوّري والتصديقي. وبعبارة أُخرى : بين الظهور البدوي والاستمراري ، وتمسّكوا بالظهورات التصورية التي تزول بأدنى تأمّل.
الميزان هو العدل الإلهي
بسبب الإشكالات الواردة على النظرية السابقة ذهب البعض إلى نظرية أُخرى ، وهي: أنّ المراد من الميزان هو العدل الإلهي ، وانّ الله تعالى سيقضي بين عباده بالعدل والقسط يميّز من خلالهما بين المطيعين والعاصين ، والمؤمنين والكافرين. وينال كلّ واحد منهم جزاءه الذي يستحقّه.
لا شكّ أنّ الله تعالى يحكم يوم القيامة بين عباده بالعدل والقسط ، ولكن الكلام هنا في حقيقة «الميزان» هل أنّ حقيقة الميزان تتلخّص في ذلك ، أي في الحكم العدل ، أم أنّ للميزان بالإضافة إلى ذلك حقيقة أُخرى يمكن إدراكها واستنباطها من آيات الذكر الحكيم؟
فالخلاصة : أنّ النظرية الأُولى باطلة قطعاً ، وأنّ النظرية الثانية لا تبيّن حقيقة «الميزان» كما هي ، بل تبيّن نتيجة الميزان دون أن تشير إلى واقعه ، وانّه بعد ما يتم التوزين يتعامل سبحانه بالعدل والقسط ، وهذا الأمر في الحقيقة يحتاج إلى وسيلة لتبيين حال العباد المطيعين والعاصين ، فلا بدّ قبل القضاء والتعامل من أداة تبيّن