ويزني ، فلا ريب أنّه حينئذٍ من الخالدين في العذاب ، وليس سبب خلوده في النار ارتكاب الكبيرة.
ولكن يبقى هنا سؤال لا بدّ من الإجابة عنه وهو : انّ الشرك لوحده كاف في الخلود في النار ، فما هي الحاجة إلى ضم الفعلين الآخرين له (قتل النفس والزنا)؟
والجواب واضح : انّه صحيح انّ الشرك لوحده كاف في الخلود في النار ، وأمّا ضم الفعلين فيكون سبباً لمضاعفة العذاب ، لا أنّه سبب للخلود في الجحيم.
٩. المعرضون عن القرآن
لقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله تعالى :
(كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً* مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً* خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً). (١)
ومن الملاحظ أنّ الضمير في قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيهِ) يرجع إلى «الوزر» بمعنى العبء الثقيل ، والخلود في الوزر كناية عن الخلود في جزائه ، وهو العذاب ، فتكون النتيجة : انّ المعرض عن الذكر يخلّد في العذاب.
ولكن لا بدّ من بيان المقصود من الإعراض عن القرآن ما هو؟ فهل هو الإعراض عن تلاوته ، أو الإعراض عن العمل ببعض أحكامه ، أو انّ المراد منه مَن لا يؤمن بالقرآن فيتركه مهجوراً؟
ولا شكّ انّ المراد هو الثالث الذي يساوق الكفر ، والشاهد على ذلك انّ محور الآيات هو الحديث عن الكافرين الذين لم يؤمنوا بالرسالة واليوم الآخر ، ومن
__________________
(١). طه : ٩٩ ـ ١٠١.