في البدء لا بدّ من التركيز على أنّ الآية المباركة قد أشارت إلى ثلاثة أعمال لا ينبغي للمؤمن القيام بها وهي :
١. الشرك.
٢. قتل النفس المحترمة.
٣. الزنا.
ثمّ أعقبت الكلام بعد ذلك ببيان جزاء مَن يقترف تلك الأعمال بأنّ مصيره إلى النار والخلود فيها ، وحينئذٍ يطرح السؤال التالي :
من هو المشار إليه في قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ)؟
فيه احتمالات ثلاثة :
ألف : المراد منه ما جاء في الجملة الأخيرة (وَلا يَزْنُونَ) ، أي المراد هم الزناة ، وحينئذٍ يكون مفاد الآية انّ من يرتكب هذه الكبيرة يخلد في الجحيم.
ب : المراد منه المشركون ، أو قاتلو النفس المحترمة.
ج : المراد منه مَن ارتكب جميع تلك الأُمور المذمومة.
أمّا الاحتمال الأوّل فبعيد جداً ، وذلك لأنّه لا وجه لمضاعفة العذاب للزاني بهذا الحد من الجزاء ، والحال انّ هناك الكثير من الذنوب التي هي أكبر من الزنا مع أنّ جزاءها أقلّ من ذلك ولم يضاعف لهم العذاب.
وأمّا الاحتمال الثاني فهو أيضاً غير صحيح فلا ينسجم مع قواعد اللغة. لأنّه ليس من الصحيح أن يذكر المتكلّم ثلاثة مطالب ثمّ يشير إلى الأوّل والثاني منهما ويبيّن أحكامهما من دون وضع أيّ قرينة تدلّ على ذلك.
إذاً لا بدّ من القول : إنّ المراد هو الاحتمال الثالث ، أي من يرتكب تلك الأُمور الثلاثة ، ففي الوقت الذي يتبنّى فيه الشرك والوثنية يقتل النفس المحترمة