الذين يتميّزون بالصفتين السابقتين والشاهد على ذلك أنّ الآية المباركة لم تكتف بجملة (كَسَبَ سَيِّئَةً) بل أردفتها بجملة أُخرى ، وهي قوله تعالى : (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) أي من هيمنت خطاياه على قلبه وروحه ، ولا ريب أنّ الإنسان الغارق في الخطيئة والآثام تنسد أمامه منافذ وطرق الهداية والرشاد ، لأنّه ينزلق إلى هاوية الكفر والجحود فلا يتأثر بعوامل النصح والهداية ، سواء كانت داخلية أم خارجية. ولا شكّ أنّ مثل هكذا إنسان يدخل في زمرة الكافرين أو المرتدين والمكذّبين.
وفي الآية التالية للآية مورد البحث يقول سبحانه :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). (١)
ومن خلال المقابلة بين قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) وقوله تعالى : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) يمكن القول إنّ محور الآيات هو الكافرون والمؤمنون ، فالطائفة الأُولى خالدة في النار ، والطائفة الثانية خالدة في النعيم.
٨. المرتكبون للقبائح
لقد حذر سبحانه وتعالى من الخلود في النار في قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً* يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً). (٢)
ولا بدّ من التأمل في الآيتين المذكورتين لنرى ما المقصود من تلك الآيات؟
__________________
(١). البقرة : ٨٢.
(٢). الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩.