في المنطقة ، اشتعل فتيل الحرب ، وصار ذلك الحدث ذريعة لدخول الجيوش ميدان القتال وساحات الحرب واتّساع نطاقها ليشمل جميع العالم. ولكن هذا الحدث الناتج من قتل الأمير النمساوي ، لا يمكن اعتباره قانوناً كلّياً وضابطة عامة لنشوب حروب عالمية ، لأنّه طالما قتل أُمراء وأولياء عهد في العالم ومع ذلك لم تحدث في العالم أدنى ردّة فعل ولو يسيرة جداً ، فضلاً عن حدوث تلك الفاجعة العظيمة.
وبالطبع أنّه كان يختفي وراء نشوب الحرب العديد من الأسباب والشروط الكثيرة من الاضطراب والفوضى السياسية والاقتصادية ، والتضاد الفكري ، التي برمّتها تمثّل الأرضية الأساسية للحدث وأنّ قتل ولي العهد لا يعدو عن كونه مثّل الفتيل والصاعق الذي فجر مخزن المتفجرات لا غير.
الصدفة التاريخية
حدّثنا التاريخ عن الكثير من الوقائع والحوادث ومصير الأُمم السالفة ، التي من الممكن تفسيرها على أساس الصدفة بالمعنى الثالث ، ويوجد في هذا المجال كم هائل من القصص بحيث لا يمكن الركون إليها جميعاً والاعتماد عليها ، كذلك لا يمكن لنا نقل القسم الأكبر منها هنا ، لأنّ ذلك خارج عن رسالة الكتاب ، ولكن نكتفي بذكر قصتين منها فقط :
١. حاصر عماد الدولة الديلمي مدينتي اصفهان وفارس وأخرج منهما ممثل الخليفة وواليه. ولكن واجهته مشكلة خطيرة جداً كادت أن تخلق له أزمة حقيقية وهي نفاد الخزينة التي أعدّها للحرب والمواجهة ، ولذلك أقلقه هذا الأمر جداً خوفاً من أن يشعر الجنود بخلو الخزينة ونفادها ، ممّا يضطرهم إلى الاعتداء والتجاوز على أموال الناس وممتلكاتهم الأمر الذي يولّد ردة فعل لدى