بيان عظمة الحكمة والتدبير الإلهي في خلق البحار بالنحو الذي يوفّر الأرضية المناسبة والشروط الصحيحة بنحو كامل لحياة المخلوقات الحيّة وخاصة الإنسان منها ، وذلك لأنّه وفقاً لنظرية علماء الطبيعة والبيئة أنّ ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية تغمره المياه المالحة ، وانّ لهذه النسبة من المياه دوراً بارزاً في تلطيف ونقاء الهواء ، والأُمور الأُخرى التي تحتاج إليها حياة الموجودات الحيّة ، هذا من جهة ومن جهة أُخرى انّ المياه العذبة تخزّن في أعماق الأرض وتظهر إلى السطح من خلال العيون والآبار وغير ذلك ، لتوفّر الشرط المهم والعنصر الأساسي للحياة.
وهذان النوعان من المياه لا يمتزجان أبداً بنحو يتحوّل الماء المالح بأكمله إلى ماء عذب ، أو يتحوّل الماء العذب بأكمله إلى ماء مالح ، وذلك لأنّه على هذا الفرض تنعدم إمكانية استمرار الحياة بالنسبة للموجودات الحيّة.
أمّا إذا انتهى عمر الدنيا وانهار النظام الكوني ، فحينئذٍ يرتفع الفاصل والحاجز بين المياه المالحة والعذبة ، والذي يبيّن ويؤكد تلك الحقيقة قوله تعالى : (سُجِّرَتْ) أو (فُجِّرَتْ). (١)
حالة الجب الأوان قيام الساعة
وأمّا الجبال فقد وصف القرآن الكريم حالها في أكثر الآيات التي تحدّثت عن حالة الأرض يوم القيامة ، وهذه الآيات جميعها تشير إلى صورة مرعبة عن وضع العالم في تلك اللحظات العسيرة ، ومن هذه الآيات قوله تعالى :
(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً). (٢)
__________________
(١). انظر الميزان : ٢٠ / ١١٢.
(٢). النبأ : ٢٠.