(وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً* اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١)
ولكن الإمعان في الأمر يظهر لنا أنّ هذه الآيات لا تنافي الآيات الآنفة الذكر ، وذلك لأنّ مفاد هذه الآية انّه تتجلّى في العالم الآخر أمام الإنسان أعماله وأفعاله التي اقترفها بصورة كتاب يبرز ويظهر أمام نظر الإنسان ، بنحو يرى الإنسان واقع أفعاله التي قام بها في الحياة الدنيا بصورة لا يبقى فيها مجال لأيّ إنكار أو تخلّص أو تنصّل عن المسئولية ، ولذلك يصل الأمر بالإنسان إلى درجة يشهد هو على نفسه وعلى أعماله.
وبعبارة أُخرى : أنّ الآيات السابقة تشير إلى حقيقة جلية وهي أنّها تنفي وجود أيّ محاسب في ذلك العالم إلّا الله سبحانه وتعالى وحده ، وأمّا هذه الآية فإنّها تشير إلى كيفية المحاسبة التي يقوم بها الله سبحانه وتعالى ، وانّها تكون بالنحو الذي تعرض أعمال العباد وأفعالهم أمام كلّ واحد منهم بحيث يطّلع كلّ إنسان على ما بدر منه وما صدر من أفعال ، وليحكم هو بنفسه على نفسه.
حكم الروايات في هذه المسألة
لقد حظيت هذه المسألة باهتمام الرسول الأكرم وأهل بيته عليه وعليهمالسلام فقد وردت روايات كثيرة في هذا المجال ، فطائفة من هذه الروايات تؤيّد الرأي الأوّل الذي ذهبت إليه الآيات الكريمة ، وأنّ الله سبحانه هو المحاسب يوم القيامة ، يقول أمير المؤمنين عليهالسلام في حقّ عائشة وخصومتها معه : «وأمّا فلانة
__________________
(١). الإسراء : ١٣ ـ ١٤.