لها عظمتها الخاصة وأفضليتها وكمالها وإن كان الإنسان الذي لم تنفتح له الآفاق على عالم الغيب يجهل حقيقتها وكنهها ولم يتّضح له محتواها.
نماذج من موازين يوم القيامة
بعد الاعتراف بأنّنا نجهل كنه وحقيقة الميزان يوم القيامة ـ وإن كنّا نعلم بأصل وجوده ـ ولكن يمكن لنا أن نستعين بالآيات الكريمة والروايات الشريفة لتزيح لنا الستار عن جانب من تلك الحقيقة المبهمة وليتّضح لنا حقيقة الميزان يوم القيامة بنحو من الأنحاء.
١. يقول سبحانه وتعالى :
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ). (١)
ولقد اختلفت كلمات المفسّرين في تفسير الآية وكيفية إعرابها إلى أقوال مختلفة ومتنوعة ، نذكر منها ثلاثة احتمالات :
الأوّل : أنّ الوزن مصدر بمعنى التوزين ، وهو مبتدأ خبره الحق ، والمراد أنّ توزين الأعمال ومحاسبتها أمر حق لا سترة فيه.
الثاني : أنّ الوزن بمعنى الميزان ، أي ما يوزن به ، ويكون المراد أنّ ما يوزن به هو الحقّ ، فالحقّ هو الذي يعرف به حقائق الأعمال عند قياسها إليه ، فكلّ عمل تمتع بقسط وافر من الحقّ ثقّل الميزان عندئذٍ في مقابل عمل لا يتمتع بقسط من الحقّ أو يتمتع بشيء قليل فيخفّف ميزانه. فيصبح الحق مثل الثقل في الموازين
__________________
(١). الأعراف : ٨ ـ ٩.