العرفية ، غير أنّ الثقل فيها يوضع في كفّة والمتاع في كفّة أُخرى.
وأمّا الحقّ فلا يكون شيئاً منفكّاً عن العمل ، بل بمقدار ما يتمتع به ترجح كفّته.
الثالث : أنّ الحقّ بمنزلة الثقل في الموازين العرفية ، ويكون له تجسّم واقعي يوم القيامة ، فبمطابقته وعدمها يعرف صلاح الأعمال عن غيرها.
والفرق بين الثاني والثالث واضح ، فإنّ الحقّ على المعنى الثاني يكون داخلاً في جوهر الأعمال بمقدار ما يوصف به العمل من الحقّ ، وأمّا الاحتمال الثالث فالحقّ بالذات هو الموجود المجسَّم يوم القيامة ، ولا يعلم صلاح الأعمال عن ضدّها ، إلّا بعرضها على الحقّ المجسَّم ، فبمقدار ما يشبهه ويناسبه يكون موصوفاً بالحقّ ، دون ما لم يكن كذلك فيوصف بالباطل.
وهذا المعنى الثالث هو المستفاد من بعض الروايات ، قال الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير قوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) : «هم الأنبياء والأوصياء» (١) ، ولعلّ أعمال كلّ أُمّة تعرض على أنبيائهم فبالمطابقة مع أعمالهم ومخالفتها معهم يعلم كونه سعيداً أو شقياً ، ويؤيد ذلك ما نقرأه في زيارة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام حيث ورد فيها : «السَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الإِيمانِ وَميزانِ الأَعْمالِ». (٢)
وكأنّ الإمام أمير المؤمنين حقّ مجسّم ، فمن شابهه فهو ممّن ثقلت موازينه ، ومن لم يشابهه فهو ممّن خفّت موازينه.
وإن شئت قلت : إنّ الإنسان المثالي أُسوة في الدنيا والآخرة يميّز به الحقّ
__________________
(١). بحار الأنوار : ٧ / ٢٤٩ ، الباب العاشر من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٦.
(٢). مفاتيح الجنان ، الزيارة الرابعة للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.